تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد قدّمت هذه الكشوفات معلومات هامة عن الشعوب القاطنة في تلك البلاد، أدّت إلى تغيّرات جذرية في الاتجاهات الفلسفية السائدة آنذاك، عن حياة البشر وطبيعة المجتمعات الإنسانية وثقافاتها وتطوّرها. وهذا ما أدّى بالتالي إلى تطوير المعرفة الأنثروبولوجيّة، واستقلالها فيما بعد عن دائرة الفلسفة الاجتماعية.

لقد انحسرت الفلسفة – إلى حدّ ما – في النصف الثاني من القرن التاسع عشر أمام التفكير العلمي، حيث تطوّرت العلوم الاجتماعية واستطاع العالم البريطاني / إدوارد تايلور E. Tylor / أن يرى في تنوّع أساليب حياة الشعوب وتطوّرها، ظاهرة جديرة بالدراسة، وأنّ علماّ جديداً يجب أن ينشأ ويقوم بهذه المهمّة. وسمّى تايلور هذه الظاهرة بـ" الثقافة Culture أو الحضارة Civilization " .

ومع دخول الأنثروبولوجيا مجال القرن العشرين، بأحداثه وتغيّراته العلمية والاجتماعية والسياسية، طرأت عليها تغيّرات جوهرية في موضوعها ومنهج دراستها، حيث تخلّت عن المنهج النظري وأخذت بالمنهج التطبيقي باعتبارها ظاهرة علميّة، إضافة إلى تحديد علاقة التأثير والتأثّر بينها وبين منظومة العلوم الاجتماعية والإنسانية الأخرى. حيث أصبحت النظرة الشاملة تميّز المنهج الأنثروبولوجي، الذي يتطلّب دراسة أي موضوع – مهما كانت طبيعته وأهدافه- دراسة كليّة متكاملة، تحيط بأبعاده المختلفة، وبتلك التفاعلات المتبادلة بين أبعاد هذا الموضوع وجوانب الحياة الأخرى السائدة في المجتمع.

ويأتي هذا الكتاب، ليلقي الضوء على أبرز الجوانب في علم الأنثروبولوجيا، من حيث أبعاده النظرية والتطبيقية. ولذلك، قسّم الكتاب إلى ثلاثة أبواب تضمّن كلّ منها عدداً من الفصول، على النحو التالي:

الباب الأوّل – تضمّن ثلاثة فصول، تحدّثت عن: مفهوم الأنثروبولوجيا وأهدافها، ونشأتها وتاريخها، وعلاقتها بالعلوم الأخرى.

الباب الثاني- تضمّن ستة فصول، تحدّثت عن: الدراسات الأنثروبولوجية واتّجاهاتها المعاصرة، والفروع الأنثروبولوجية (العضوية – النفسيّة- الثقافية- الاجتماعية)، والمنهج الأنثروبولوجي والدراسات الميدانية.

الباب الثالث- تضمّن ثلاثة فصول، تحدّثت عن: البناء الاجتماعي ووظائفه، والأنثروبولوجيا في المجتمع الحديث، والاتّجاه نحو أنثروبولوجية عربية.

والأمل في أن يقدّم هذا الكتاب، رؤية واضحة عن هذا العلم الحديث (الأنثروبولوجيا)، على الأقلّ في مجتمعنا وجامعاتنا، وبما يحقّق الفائدة المرجوّة لطلبتنا الأعزّاء.

الباب الأوّل:

مفهوم الأنثروبولوجيا وأهدافها

وعلاقتها بالعلوم الأخرى

الفصل الأول – مفهوم الأنثروبولوجيا وطبيعتها وأهدافها

الفصل الثاني – نشأة الأنثروبولوجيا وتاريخها

الفصل الثالث-علاقة الأنثروبولوجيا بالعلوم الأخر

الفصل الأول

مفهوم الأنثروبولوجيا وطبيعتها وأهدافها

مقدّمة

أولاً- مفهوم الأنثروبولوجيا

ثانياً- طبيعة الأنثروبولوجيا

ثالثاً- أهداف الأنثروبولوجيا

مقدّمة:

يجمع الباحثون في علم " الأنثروبولوجيا " على أنّه علم حديث العهد، إذا ما قيس ببعض العلوم الأخرى كالفلسفة والطب والفلك .. وغيرها. إلاّ أنّ البحث في شؤون الإنسان والمجتمعات الإنسانية قديم قدم الإنسان، مذ وعى ذاته وبدأ يسعى للتفاعل الإيجابي مع بيئته الطبيعية والاجتماعية.

لقد درج العلماء والفلاسفة في كل مكان وزمان عبر التاريخ الإنساني، على وضع نظريات عن طبيعة المجتمعات البشرية، وما يدخل في نسيجها وأبنيتها من دين أو سلالة، ومن ثمّ تقسيم كلّ مجتمع إلى طبقات بحسب عاداتها ومشاعرها ومصالحها. وقد أسهمت الرحلات التجارية والاكتشافية، وأيضاً الحروب، بدور هام في حدوث الاتصالات المختلفة بين الشعوب والمجتمعات البشرية، حيث قرّبت فيما بينها وأتاحت معرفة كلّ منها بالآخر، ولا سيّما ما يتعلّق باللغة والتقاليد والقيم .. ولذلك، فمن الصعوبة بمكان، تحديد تاريخ معيّن لبداية الأنثروبولوجيا.

أولاً: مفهوم الأنثروبولوجيا

إنّ لفظة أنثروبولوجيا Anthropology، هي كلمة إنكليزية مشتقّة من الأصل اليوناني المكوّن من مقطعين: أنثروبوس Anthropos ، ومعناه " الإنسان " و لوجوس Locos، ومعناه " علم ". وبذلك يصبح معنى الأنثروبولوجيا من حيث اللفظ " علم الإنسان " أي العلم الذي يدرس الإنسان.

( Nicholson, 1968, P.1)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير