تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ - وَأَنَا آمُرُ بِهِ. فَخَالَفَ إجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ فِي الْأَمْرِ بِهِ. و " الْفَارَابِيُّ " كَانَ بَارِعًا فِي الْغِنَاءِ الَّذِي يُسَمُّونَهُ " الْمُوسِيقَا " وَلَهُ فِيهِ طَرِيقَةٌ عِنْدَ أَهْلِ صِنَاعَةِ الْغِنَاءِ وَحِكَايَتِهِ مَعَ ابْنِ حَمْدَانَ مَشْهُورَةٌ. لَمَّا ضَرَبَ فَأَبْكَاهُمْ ثُمَّ أَضْحَكَهُمْ ثُمَّ نَوَّمَهُمْ ثُمَّ خَرَجَ. و " ابْنُ سِينَا " ذَكَرَ فِي إشَارَاتِهِ فِي " مَقَامَاتِ الْعَارِفِينَ " فِي التَّرْغِيبِ فِيهِ وَفِي عِشْقِ الصُّوَرِ مَا يُنَاسِبُ طَرِيقَةَ أَسْلَافِهِ الْفَلَاسِفَةِ وَالصَّابِئِينَ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ وَالْأَصْنَامَ كَأَرِسْطُو وَشِيعَتِهِ مِنْ الْيُونَانِ - وَمَنْ اتَّبَعَهُ كبرقلس وثامسطيوس وَالْإِسْكَنْدَرِ الأفروديسي وَكَانَ أَرِسْطُو وَزِيرَ الْإِسْكَنْدَرِ بْنِ فيلبس الْمَقْدُونِيَّ الَّذِي تُؤَرِّخُ لَهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَكَانَ قَبْلَ الْمَسِيحِ بِنَحْوِ ثَلَاثمِائَةِ سَنَةٍ. وَأَمَّا " ذُو الْقَرْنَيْنِ " الْمَذْكُورُ فِي الْقُرْآنِ الَّذِي بَنَى " السَّدَّ " فَكَانَ قَبْلَ هَؤُلَاءِ بِزَمَنِ طَوِيلٍ وَأَمَّا الْإِسْكَنْدَرُ الَّذِي وَزَرَ لَهُ أَرِسْطُو: فَإِنَّهُ إنَّمَا بَلَغَ بِلَادَ خُرَاسَانَ وَنَحْوَهَا فِي دَوْلَةِ الْفُرْسِ لَمْ يَصِلْ إلَى السَّدِّ وَهَذِهِ الْأُمُورُ مَبْسُوطَةٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. و " ابْنُ سِينَا " أَحْدَثَ فَلْسَفَةً رَكِبَهَا مِنْ كَلَامِ سَلَفِهِ الْيُونَانِ وَمِمَّا أَخَذَهُ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ الْمُبْتَدِعِينَ الجهمية وَنَحْوِهِمْ. وَسَلَكَ طَرِيقَ الْمَلَاحِدَةِ الإسماعيلية فِي كَثِيرٍ مِنْ أُمُورِهِمْ الْعِلْمِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ وَمَزَجَهُ بِشَيْءٍ مِنْ كَلَامِ الصُّوفِيَّةِ وَحَقِيقَتُهُ تَعُودُ إلَى كَلَامِ إخْوَانِهِ الإسماعيلية الْقَرَامِطَةِ الْبَاطِنِيَّةِ؛ فَإِنَّ أَهْلَ بَيْتِهِ كَانُوا مِنْ الإسماعيلية: اتِّبَاعِ الْحَاكِمِ الَّذِي كَانَ بِمِصْرِ وَكَانُوا فِي زَمَنِهِ وَدِينُهُمْ دِينُ أَصْحَابِ " رَسَائِلِ إخْوَانِ الصَّفَا " وَأَمْثَالِهِمْ مِنْ أَئِمَّةِ مُنَافِقِي الْأُمَمِ الَّذِينَ لَيْسُوا مُسْلِمِينَ وَلَا يَهُودَ وَلَا نَصَارَى. وَكَانَ الْفَارَابِيُّ قَدْ حَذَقَ فِي حُرُوفِ الْيُونَانِ الَّتِي هِيَ تَعَالِيمُ أَرِسْطُو وَأَتْبَاعِهِ مِنْ الْفَلَاسِفَةِ الْمَشَّائِينَ وَفِي أَصْوَاتِهِمْ صِنَاعَةُ الْغِنَاءِ فَفِي هَؤُلَاءِ الطَّوَائِفِ مَنْ يَرْغَبُ فِيهِ وَيَجْعَلُهُ مِمَّا تَزْكُو بِهِ النُّفُوسُ وَتَرْتَاضُ بِهِ وَتُهَذَّبُ بِهِ الْأَخْلَاقُ. وَأَمَّا " الْحُنَفَاءُ " أَهْلُ مِلَّةِ إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ إمَامًا وَأَهْلُ دِينِ الْإِسْلَامِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْ أَحَدٍ دِينًا غَيْرَهُ الْمُتَّبِعُونَ لِشَرِيعَةِ خَاتَمِ الرُّسُلِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهَؤُلَاءِ لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يَرْغَبُ فِي ذَلِكَ وَلَا يَدْعُو إلَيْهِ. وَهَؤُلَاءِ هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ وَالْإِيمَانِ وَالْهُدَى وَالسَّعْدِ وَالرَّشَادِ وَالنُّورِ وَالْفَلَّاحِ وَأَهْلُ الْمَعْرِفَةِ وَالْعِلْمِ وَالْيَقِينِ وَالْإِخْلَاصِ وَالْمَحَبَّةِ لَهُ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ وَالْخَشْيَةِ لَهُ وَالْإِنَابَةِ إلَيْهِ. وَلَكِنْ قَدْ حَضَرَهُ أَقْوَامٌ مِنْ أَهْلِ الْإِرَادَةِ وَمِمَّنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْ الْمَحَبَّةِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْرِيكِ لَهُمْ وَلَمْ يَعْلَمُوا غَائِلَتَهُ وَلَا عَرَفُوا مَغَبَّتَهُ كَمَا دَخَلَ قَوْمٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ كَلَامِ الْفَلَاسِفَةِ الْمُخَالِفِ لِدِينِ الْإِسْلَامِ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّهُ حَقٌّ مُوَافِقٌ وَلَمْ يَعْلَمُوا غَائِلَتَهُ وَلَا عَرَفُوا مَغَبَّتَهُ فَإِنَّ الْقِيَامَ بِحَقَائِقِ الدِّينِ عِلْمًا وَحَالًا وَقَوْلًا وَعَمَلًا وَمَعْرِفَةً وَذَوْقًا وَخِبْرَةً لَا يَسْتَقِلُّ بِهَا أَكْثَرُ النَّاسِ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير