تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

خبت منها شجاعتهم و ألقوا ** بأسلحة ٍ فما نفع اتِّقاءِ

وقال كبيرهم للبيت رب ٌّ ** شديد البطش مرهوب الجزاء ِ

سيحميه فيأخذهم سريعاً ** فترميهم أبابيبل السماء ِ

فيغشى الخوف إبرهة وجيشاً ** فكل جنوده دون النجاءِ

طفولة النبي صلى الله عليه وسلم

وسل عن آل سعد حين جاؤوا ** قريشاً للرضاعة والغناءِ

وذاقوا القحط مرّاً في البوادي ** و أثديةٌ تغيض وضرع شاءِ

فلا ألبان نسوتهم تلبِّي ** لبانة رضَّعاً بعد البكاءِ

وكم عرض اليتيم على نساءٍ ** فتأبى حمله كل النساءِ

فتأخذه السعيدة حمل كرهٍ ** فتغدو في النعيم وفي الهناءِ

وما عرفت بأن السعد آت ٍ ** على يد أحمد ٍ ماحي العناءِ

فتحفل شاتها لبنا ولحما ً ** تعود من البلاقع بامْتلاءِ

فدَّرتْ ميرةً ورأتْ عجيبا ً ** من البركات من بعد البلاءِ

فتسأل أمه والجد مهلاً ** نعود به وألقت بالرجاء ِ

تقول بأنه طفلٌ صغيرٌ ** بحاجة أرض بدوٍ لا الرخاءِ

يزيد فصاحةً ويزيد بأساً ** يشبُّ بقوةٍ بين الرعاءِ

فتأخذه بحضن ٍ ثمَّ ضمٍّ ** وآبتْ بالسعادة والعطاءِ

أجاء إليه جبريلٌ بيومٍ ** بأمر الله ينزل من سماءِ

يغسِّل قلبه ويشقُّ صدراً ** فأفزع فعله من كان رائي

فتجري بعده الصبيان رعباً ** وكاد يصيبها بعض الهذاءِ

طوى البيداء و الأطفال تحكي ** عن الأمر الجليل بلا مراءِ

فترجعه لمكة إثر خوف ٍ ** على الطفل اليتيم من ابْتلاءِ

وما تنسى حليمة خير طفلٍ ** وتذكر خيره زاكي النماءِ

وآمنة الحنون تعدُّ رحلاً ** لعبدالله تعزم بالوفاءِ

فتصحب أحمداً والجدُّ أمسى ** عليل الشوق يطمع في اللقاءِ

لقد رحل الثلاثة في اشتدادٍ ** من الآلام رغباً في الْتقاءِ

وأمُّ محمدٍ بالحب تطوي ** صحاري الوجد تبحث عن عزاءِ

على قبر الفقيد بكت طويلاً ** تخبِّر زوجها تحت الحياءِ

وزاد سقامها واشْتدَّ وطئً ** فيطوي الموت آمنة الزكاءِ

وصار بحضن شيخٍ ذي جلالٍ ** وسيِّد معشرٍ برٍّ كَفاءِ

فبات معزَّزاً في ظلِّ أهلٍ ** كرام ٍ سادة ٍ وذوي علاءِ

وأعطاه الكبيرُ كبيرَ عطفٍ ** فخصَّ حفيده بعض العطاءِ

يدوس على البساط جوار بيت ٍ ** فيزجره الكبار إلى التنائي

تفرَّس في الحفيد جليل قدرٍ ** فيمسح رأسه بيد انْتقاءِ

ولمَّا قد أحسَّ الموت داني ** إلى الشيخ العجوز وكان نائي

يُوكّله إلى عمٍّ رحيم ٍ ** نمى في بيته خير النماءِ

وكان يضيق عنه الرزق لكنْ ** بسيط القلب موفور الإباءِ

مهابٌ في قريشٍ رغم فقرٍ ** ويمسك بالزعامة والسقاءِ

يرى ابْنَ أخيه كنزاً من صفاتٍ ** جميل الطبع موصوف النقاءِ

تجلُّ الطفل مكَّةُ والأناسي ** فلقِّب بالأمين من الذماءِ

ويزهو الهشم فيه بكل نادٍ ** فترفعه الخلال إلى ارْتقاءِ

وصاحب عمَّه مذ كان طفلا ً ** على ظهر القوافل في الشتاءِ

ونحو الشام قد عزموا وساروا ** بقافلة التجارة والزكاءِ

ويمضي في طريق الشام بدرٌ ** تظلٌ سحابةٌ بدر السناءِ

تظلّله تقيه حرور شمسٍ ** متيَّمة ً به عند التقاءِ

رأى الرهبان ما قد كان منها ** وفيه يرون بشرى الأنبياءِ

فقال لعمه رهبان بصرى ** لترجعْ بالغلام عن العداءِ

حذارِ من اليهود ومن أذاهمْ ** ولا تلقيه عند الأقرباءِ

شباب النبي (صلى الله عليه وسلم)

ويرعى في قراريطٍ و وادي ** نعاجاً مثلَ كلِّ الأنبياءِ

يساعد عمَّه في جلبِ قوتٍ ** فليس بعالةٍ بل ذو عطاءِ

وذاع بأنه لفتىً صدوقٌ ** أمينٌ في التجارة ذو وفاءِ

حبيبٌ للخلائق والبرايا ** محبٌّ للمكارم ذو حياءِ

رؤوفٌ بالبهائم حين يرعى ** وذو جلدٍ وصبرٍ في البلاءِ

رفيعٌ في الحواضر والبوادي ** عفيفُ النفس موسومُ النقاءِ

وبسَّامٌ صبيح الوجه تلقى ** بشاشتُه المُقاربَ والمُنائي

- وطاف على الشعاب وفي بيوتٍ ** حديثُ الناس عن حسن الصفاءِ

وكم يروون عن حكمٍ عدولٍ ** أتى فكأنه عدل السماءِ

أو الأمطار تهطل من غمامٍ ** تصاب به الحرائق بانْطفاءِ

قبائل من قريشٍ في جدالٍ ** على الحجر الشريف من البناءِ

رؤوسهمو تحاول منه مجداً ** وتشريفاً لتجنح بالعلاءِ

وبعد الشدِّ في قولٍ وجذبٍ ** وأخذٍ ثمَّ ردٍّ في المراءِ

تعاهدت الخصوم على اتفاقٍ ** وأوَّلُ داخلاً فصْلُ القضاءِ

فجاء محمدٌ فالناس ترضى ** فتى الأخلاق يفصل بالرضاءِ

فيأخذ بردة ويقول هاتوا ** أياديكم إلى حجر البهاءِ

رضوا فتقاسموا في الحَمْلِ مجداً ** ونال الكلَّ من حصص ارْتقاءِ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير