تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

في قبره مائة جلده فلم يزل يسأل الله ويدعوه حتى صارت جلدة واحدة فامتلأ قبره ناراً فلما أفاق قال علام جلدتموني قالوا إنك صليت صلاة بغير طهور ومررت على مظلوم فلم تنصره، قال الطحاوي في هذا الحديث ما يدل على أن تارك الصلاة ليس بكافر لأن من صلى صلاة بغير طهور فلم يصل وقد أجيبت دعوته ولو كان كافراً ما أجيبت له دعوة لأن الله تبارك وتعالى يقول: وما دعاء الكافرين إلا في ضلال، ومما يدل على أن الكفر منه مالا ينقل عن الإسلام قوله صلى الله عليه وسلم يكفرن العشير ويكفرن الإحسان وكافر النعمة يسمى كافراً وأصل الكفر في اللغة الستر ومنه قيل لليل كافر لأنه يستر قال لبيد في ليلة كفر النجوم غمامها أي سترها وفي هذه المسألة قول ثالث قاله ابن شهاب رواه شعيب بن أبي حمزة عنه قال إذا ترك الرجل الصلاة فإن كان إنما تركها لأنه ابتدع ديناً غير الإسلام قتل وإن كان إنما هو فاسق فإنه يضرب ضرباً مبرحاً ويسجن حتى يرجع قال والذي يفطر في رمضان كذلك قال أبو جعفر الطحاوي وهو قولنا واليه يذهب جماعة من سلف الأمة من أهل الحجاز والعراق قال أبو عمر بهذا يقول داود بن علي وهو قول أبي حنيفة في تارك الصلاة أنه يسجن ويضرب ولا يقتل وابن شهاب القائل ما ذكرنا هو القائل أيضاً في قول النبي صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله كان ذلك في أول الإسلام ثم نزلت الفرائض بعد وقوله هذا يدل على أن الإيمان عنده قول وعمل والله أعلم وهو قول الطائفتين اللتين ذكرنا قولهم قبل قول ابن شهاب كلهم يقولون الإيمان قول وعمل وقد اختلفوا في تارك الصلاة كما علمت واحتج من ذهب هذا المذهب أعني مذهب ابن شهاب في أنه يضرب ويسجد ولا يقتل بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها قالوا وحقها الثلاث التي قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث كفر بعد إيمان أو زناً بعد إحصان أو قتل نفس بغير نفس قالوا والكافر جاحد وتارك الصلاة المقر بالإسلام ليس بجاحد ولا كافر وليس بمستكبر ولا معاند وإنما يكفر بالصلاة من جحدها واستكبر عن أدائها قالوا وقد كان مؤمنا عند الجميع بيقين قبل تركه للصلاة ثم اختلفوا فيه إذا ترك الصلاة فلا يجب قتله إلا بيقين ولا يقين مع الاختلاف فالواجب القول بأقل ما قيل في ذلك وهو الضرب والسجن وأما القتل ففيه اختلاف والحدود تدرأ بالشبهات واحتجوا أيضاً بقوله صلى الله عليه وسلم سيكون عليكم بعدي أمراء يؤخرون الصلاة عن ميقاتها فصلوا الصلاة لوقتها واجعلوا صلاتكم معهم سبحة قالوا وهذا يدل على أنهم غير كفار بتأخيرها حتى يخرج وقتها ولو كفروا بذلك ما أمرهم بالصلاة خلفهم بسبحة ولا غيرها قال أبو عمر هذا قول قد قال به جماعة من الأئمة ممن يقول الإيمان قول وعمل وقالت به المرجئة أيضاً ألا أن المرجئة تقول المؤمن المقر مستكمل الإيمان ().

الثالث: أن الشارع سمى تارك الصلاة كافراً وجعل الحائل بين الرجل وبين جواز إطلاق هذا الاسم عليه هو الصلاة.

قال الشوكاني: والحق أنه كافر يقتل أما كفره فلأن الأحاديث قد صحت أن الشارع سمى تارك الصلاة بذلك الاسم وجعل الحائل بين الرجل وبين جواز إطلاق هذا الاسم عليه هو الصلاة فتركها مقتض لجواز الإطلاق ولا يلزمنا شيء من المعارضات التي أوردها الأولون لأنا نقول لا يمنع أن يكون بعض أنواع الكفر غير مانع من المغفرة واستحقاق الشفاعة ككفر أهل القبلة ببعض الذنوب التي سماها الشارع كفراً فلا ملجئ إلى التأويلات التي وقع الناس في مضيقها وأما أنه يقتل فلأن حديث أمرت أن أقاتل الناس يقضي بوجوب القتل لاستلزام المقاتلة له وكذلك سائر الأدلة المذكورة في الباب الأول ولا أوضح من دلالتها على المطلوب وقد شرط الله في القرآن التخلية بالتوبة وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة فقال: فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم. فلا يخلى من لم يقم الصلاة وفي صحيح مسلم سيكون عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون فمن أنكر فقد بريء عنقه ومن كره فقد سلم ولكن من رضي وتابع فقالوا ألا نقاتلهم قال لا ما صلوا فجعل الصلاة هي المانعة من مقاتلة أمراء الجور وكذلك قوله لخالد في الحديث السابق لعله يصلي فجعل المانع من

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير