تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[نعمة الإيمان لمحمد فاضل ابن الطاهر]

ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[07 Jul 2006, 10:18 ص]ـ

[نعمة الإيمان لمحمد فاضل ابن الطاهر]

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله عز وجل (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون، وقال تعالى (يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين.

وقال الحكيم: ما أنعم الله على الإنسان – بنعمة أعلى من الإيمان

إن نعمة الإيمان هي أكبر المنن.

إنها أكبر من نعمة الوجود، ومن نعمة الرزق، والصحة، والحياة، والمتاع

ذلك أن الإيمان يعطيك سعة التصور لهذا الوجود،وسعة التصور للقيم والأشياء 0

ويعطيك الطمأنينة طوال الرحلة القصيرة على هذا الكوكب

وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم (عجبا لأمر المؤمن إنه أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له.

قال ابن القيم رحمه الله: " في القلب شعث لا يلمُّه إلا الإقبال على الله، وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأُنس بالله، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته، وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار إليه، وفيه نيران حسرات لا يطفئها إلا الرضى بأمره ونهيه وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه، وفيه فاقة لا يسدها إلا محبته، والإنابة إليه ودوام ذكره

وصدق الإخلاص له، ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة وقال أيضاً:- القلب يمرض كما يمرض البدن، وشفاؤه في التوبة والحِمْية، ويصدأ كما تصدأ المرآة، وجلاؤه بالذكر.

ويعرى كما يعرى الجسم وزينته التقوى {ولباس التقوى ذلك خير} ويجوع ويظمأ كما يجوع البدن وطعامه وشرابه المعرفة والمحبة والتوكل والإنابة والخدمة، وأسباب شرح الصدر هي:-

1 - التوحيد

2 - العلم

3 - محبة الله بكل القلب

4 - الإحسان إلى الخلق بالأنواع الستة:-

أ- بالعلم ب- بالمال ج- بالدعاء د- بالجاه هـ- بالتوجع و- باليد

5 - الشجاعة {إن الأبرار لفي نعيم} في دورهم الثلاثة بعكس الفجار.

6 - إخراج ما في القلب من الصفات الذميمة، من عجب وكبر وحقد وغل ونحوها.

7 - دوام الذكر على كل حال.

8 - ترك فضول النظر و الكلام، والاستماع والمخالطة، والأكل، والنوم، وكثرة الضحك.

9 - الدعاء وحسن الظن بالله والتفاؤل والرضى بقضاء الله وقدره.

وعلى المسلم أن يلاحظ في المقدور المكروه هذه المشاهد:-

1 - مشهد التوحيد وأن الله هو الذي قدره

2 - مشهد العدل وأنه عدل فيه قضاؤه

3 - مشهد الرحمة وأن رحمته غالبة لغضبه

4 - مشهد الحكمة وأنه لم يقدره سدى

5 - مشهد الحمد وأنه محمود على ذلك

6 - مشهد العبودية وأنه عبدٌ تجري عليه أحكام سيده.

وقال بعضهم في ذلك:-

كل بلاء نازل بالمسلم ..... فيه بحمد الله خمس نعمٍ

عدوله عن دينه وعن أجلْ ...... مما به حل وتكفير الزلل

يجْزَى به خيراً وكل ما نزل .... فقد أراده الإله في الأزل

لا بد من وقوعه ولا مفر .... عنه ولا مَحيد عنه لبشر

وأنعم الله بالاستراحة ..... من بعض أو جميع ذي البليّة

إن الإيمان يعطيك الإحساس بأنك تملك أن تقوم بدور مرموق يرضى عنه الله، ويحقق الخير لهذا الوجود، ويريك نفسك إنك قدر من أقدار الله يحقق فيك وبك ما يشاء.وتعلم من خلاله أن الدنيا مزرعة الآخرة، وأنك مجزيٌّ على الصغيرة والكبيرة، وإنك لم تخلق عبثاً أفحسبتم أن ما خلقناكم عبثاً ... الآية ولن ترك سدى أيحسب الإنسان أن يترك سدى ومن هذه المعرفة تختفي مشاعر القلق والشك والحيْرة، ويعرف لماذا جاء وأين المستقر.

ويعرف أن القدرة التي ألبسته ثوب العمر أرحم به منه فلا ضرورة لاستشارته في الإيجاد ولا في الموت، ولا في الصحة، ولا في المرض، ولا في الفقر، ولا في الغنى. ويعرف أن كل تعب مثمر فمُرَّةُ الدنيا حلوة الآخرة، وأن المصير مُرْضٍ لأنه بين يدي عادل رحيم، وهو يعيش في أنس مع الكون لأن الكون كله يسبِّح بحمد الله تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم. وهذا كسب ضخم في عالم الشعور، وعالم التفكير، كما أنه كسب ضخم في عالم الجسد والأعصاب، فوق ما هو كسب ضخم في جمال العمل والنشاط والتأثر والتأثير والإيمان كذلك قوة دافعة وطاقة مؤثرة، فما تكاد حقيقته تستقرُّ في القلب حتى تتحرك لتعمل ولتحقق ذاتها في الواقع ولتوائم بين صورتها المُضْمَرة وصورتها الظاهرة. قل لا تمنوا عليّ إسلامكم بل الله يمنُّ عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين فهي المنة الكبرى التي لا يملكها ولا يهبها إلا الله الكريم لمن يعلم منه أنه يستحق هذا الفضل العظيم، وصدق الله العظيم.

فماذا فقد من وجد الأُنس بتلك الحقائق والمدركات وتلك المعاني والمشاعر وعاش بها ومعها، وقطع رحلته على هذا الكوكب الصغير في ظلالها وعلى هُداها، وماذا وجد من فقدها ولو تقلب في أعطاف النعيم وهو يتمتع ويأكل كما تأكل الأنعام، والأنعام أهدى لأنها تعرف بفطرتها الإيمان وتهتدي به إلى بارئها الكريم، وصدق الله العظيم حيث قال والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم وصلى الله وسلم وبارك على نبيه الكريم وآله وصحبه أجمعين

كتبه/ محمد فاضل ابن الطاهر

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير