تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وإن من تفصيل الكتاب وأصول التشريع والخطاب أن قوله ? قيل ? حيث وقعت في الكتاب المنزل فإنما للدلالة على الوحي لا غيره ومنه قوله ? فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم ? البقرة 59 أي بدلوا الوحي الذي أنزل على موسى وهو قوله ? وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة ? البقرة 58، ومنه قوله ? وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لوّوا رؤوسهم ? المنافقون 5 والقول الذي قيل لهم هو قوله ? ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما ? النساء 64، ومنه قوله ? ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين ? التوبة 46 والقول الذي قيل لهم هو قوله ? فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين ? التوبة 83 وكذلك قوله ? سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل ? الفتح 15، ولا يخفى أن قول الله من قبل هو قوله ? وقيل اقعدوا مع القاعدين ? وقوله ? فاقعدوا مع الخالفين ?، فاعلم تأخر نزول حرف الفتح عن حرفي التوبة.

إن الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة هم بنوا إسرائيل بعد أن أمروا بالقتال في سبيل الله في التوراة، وعلق إنفاذه بسبب قولهم ? يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون ? المائدة 24، وبعد موسى سلّط الله عليهم عدوا جبارا أخرجهم من الديار والأبناء كما في قولهم ? وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا ? البقرة 246 وكان نبيهم يومها قد قال لهم ? كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ? النساء 77 أي كفوا أيديكم عن القتال رغم استضعافهم واحتلال جالوت وجنوده ديارهم ورهن الأبناء فيها وإخراج الآباء منها ولم يأذن لهم بالقتال إلا لمّا بعث الله لهم طالوت ملكا، وكان القتال مع طالوت هو القتال في سبيل الله لا غيره، ولو سارع بعضهم لأجل الحماس إلى القتل والاغتيال في صفوف جالوت وجنوده قبل نزول الإذن بالقتال مع طالوت لما كانوا من المقاتلين في سبيل الله وكما هو صريح حرف البقرة في قوله ? ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله ? البقرة 246 ويعني أن إخراجهم من الديار والأبناء لا يجعل قتال المعتدي الظالم الذي احتل الديار وأخرج الآباء ورهن الأبناء قتالا في سبيل الله، إن أولئك اليهود أفقه في الكتاب المنزل من عند الله من فقهائنا الذين يوجبون القتال في هذه المرحلة المشابهة لتلك، ولأنهم حانقون على العدو ولأن نبيّهم شيخ كبير فقد سألوه أن يبعث لهم ملكا أي قائدا شابا يختاره لقيادتهم ولن يفعل النبي ذلك إلا بأمر الله وإنما سألوا نبيّهم التزاما منهم بإنفاذ الأمر لو نزل من عند الله وأنهم لن يقولوا كما قال سلفهم لموسى ? فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ? المائدة 24.

إن إنفاذ بعث أسامة بالجيش بعد موت النبي ? لمن الجهاد في سبيل الله إذ أمر به النبيّ ? في حياته، أما قتال الصحابة بعد النبيّ ? الذين يلونهم من الكفار فهو شرعي لقوله ? يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار ? التوبة 123 ولقوله ? قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون ? الفتح 16 ويعني أن الصحابة وهم الذين آمنوا ـ كما بينت في مقدمة تفسيري من تفصيل الكتاب وبيان القرآن ـ قد كلّفهم الله في الكتاب المنزل بقتال من يليهم من الكفار كفارس والروم ووجب عليهم السمع والطاعة ولم يوصف هذا القتال المأمور به في حرفي التوبة والفتح بأنه في سبيل الله لتأخر نفاذه عن حياة النبي ?.

إن المخلفين من الأعراب قد دعاهم أبو بكر وعمر إلى قتال أهل الردة بعد حياة النبي ? وتلك دلالة قوله ? قل ? في القرآن دون سائر الكتاب ويعني أنه لن يقع في حياة النبي ? وإنما بعده في أمته، كما بينت في "من أصول التفسير"، ولا يخفى أن المخلفين من الأعراب هم المخلفون عن جهاد النبي ? في حياته الذين لم يلتحقوا به وإنما دعاهم بعده أبو بكر أما بعد جيل الصحابة فقد مضى وانقرض المخلفون من الأعراب.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير