(هكذا في الأَصلين, ولكن بعض المطالعين في ((ك)) حاول التغيير فطمس على الكلمتين, وكتب ((على مليء)) , والأَصل يلوح من تحت الطمس, وقد حكاها الخطيب في: ((تاريخ بغداد)): (13/ 417) , عن المؤلف, فقال: ((على غير مليء)).) اهـ. وأَبو حنيفة: النعمان بن ثابت إِمام مَلِيء وَمُلِيء عِلْماً – رحمه الله تعالى -, وإِمامة أَي إِمامٍ عندنا لا تقتضي تحريف النصوص. وإِذا أَردت الأَمثلة على ذلك محررة فانظرها في كتاب: ((التنكيل لما في تأَنيب الكوثري من الأَباطيل)) فقد ذكر من خياناته في النقل أَمثلة مهمة منها: أَن عبد الصمد بن المعَدَّل قال في أَخيه مدحاً له: أَطاع الفريضة والسنة. . . . . . البيت. . . إِلخ.فقال هذا الأَفاك (الكوثري): (أَضاع الفريضة والسنة) البيت. . . ليقلبه قدحاً لهواه وتعصبه
ومنها في ترجمة: ((الوضاح بن عبد الله)) قال فيه على بن عاصم: (وضاح ذاك العبد) هكذا عند من ترجمه, فاهتبل (الكوثري) التصحيف في طبعة ((التهذيب)) , (وضاع ذلك العبد) , وصرف بصره عن النص في النسخ الأُخرى وذكر هذا اللفظ المصحف (وضاع ذاك العبد) للنقلة الكبيرة من التعديل إِلى التجريح, وهكذا في عدة أَلفاظ يقلبها من التعديل إِلى التجريح وعكسه مما وافق هواه. وتجد أَمثلتها في ((طليعة التنكيل)) , وفي ((التنكيل)) للمعلمي: (1/ 53 , 64) وغيرهما.
والله المستعان. وفي كتاب ((رد الكوثري على الكوثري)) لأَحمد بن الصديق الغماري, أَمثلة كثيرة, وشهد شاهد من أَهلها في جوانب من الاعتقاد. وهذه سلسلة الفساد ووسيلة الإِفساد للعلوم ولا سيما الشرعيات, ترها متتابعة لدى ((أَهل الأَهواء)) , ولا نزال نطلع على خائنة منهم من وقت إِلى آخر. ومنها: لتلميذ هذه (المدرسة) ما ذكره في: (ص / 222) من تعليقه في زياداته على ((مسند عمر بن عبد العزيز – رحمه الله تعالى -)) للباغندي: حيث ذكر نقلاً عن القاضي البيضاوي في جواز بناء المساجد على القبور استظهاراً للأَرواح والبركة, وذلك بواسطة ((فيض القدير)) للمناوي: (4/ 466). والمناوي لما نقل هذا عن البيضاوي تعقبه, فأَسقط هذا التلميذُ التعقيب. فأَين الأَمانة؟! احذرهم أَن يفتنوك.
ومن مواطن الاستغفال, والتلاعب بعقول القراء, ما يراه الناظر من عمل محقق كتاب اللنكوني – رحمه الله تعالى -: ((سباحة الفِكْرِ في الجهر بالذكر)) , إِذ جاء فيه (ص / 70) , ما نصه: (ومن توابع الذكر القلبي: الذكر النفسي, وهو أَن يحصل بصعود النفس وهبوطه, ذكر لا إِله إِلا الله, هو أَو نحو ذلك, وهو ذكر حسن موجب لحصول التشبه بالملائكة. . .) اهـ. فإِن محقق الكتاب لم يعلق حرفاً واحداً بإِنكار السلف لـ (الذكر النفسي) بالصفة المذكورة ومنها: الذكر بالضمير (هو) لفظياً أَو نفسياً, وإِذا لم يحصل منه ذلك فهو مطالب أَمانةً أَن يضع فاصلة بعد لفظ (هو) , ليظهر مراد المؤلف من الذكر النفسي بالضمير (هو) , فإِنه لا يراد به هنا إِلا الذكر به بدلالة السياق قبل وبعد, ولو أَراد بقوله (هو) الذكر بـ (لا إِله إِلا الله) , لكان مراداَ بقوله (أَو نحو ذلك) نحو النحو, وهذا لغو من القول, ولأَن من أَجاز الذكر النفسي بصعود النفس وهبوطه قال بالذكر بالضمير (هو) من باب أَولى, ومن قال بهما قال بالذكر بالاسم المفرد كلفظ الجلالة (الله , الله) , وكل هذا مما أَنكره السلف على الخلف, لعدم النص به. فالله المستعان
ومن غريب ما رأَيت ما عمله محققان معاصران للرسالة الفقهية لابن أَبي زيد القيرواني سنة 386 هـ – رحمه الله تعالى - مع شرحها ((غرر المقالة)): (ص76) , طبع دار الغرب الإِسلامي, إِذ جاء فيها من واجب الاعتقاد ما نصه: (العالم, الخبيرُ, المديرُ, السميع, البصير, العلي, الكبير, وأَنه فوق عرشه المجيد بذاته, وهو في كل مكان. بعلمه خلق الإِنسان, ويعلم ما توسوس به نفسه. . .) اهـ. فالابتداء من أَول السطر بقوله (بعلمه خلق الإِنسان) خطأ محض, فإِن الجار والمجرور (بعلمه) متعلق بما قبله, وصواب السياق:
(وهو في كل مكان بعلمه. خلق الإِنسان, ويعلم ما توسوس به نفسه) اهـ.
وعلى هذا كل طبعات الرسالة التي بين أَيدينا, وهذا ما يناسب عقيدة ابن أَبي زيد القيرواني – رحمه الله تعالى - في: ((اجتماع الجيوش الإِسلامية)): (ص / 52, 150) الطبعة الأَخيرة. والله أَعلم.
¥