عليها اليوم أَحد)) متفق عليه.
يبقى بعد هذا السؤال المهم الذي لا يستطيع الانفصال عنه إِلا بما يخدش حاله: لماذا لم يسق كلام شيخ الإِسلام وهو أَمامه في ((الفتاوى)) وفهرسها: (37/ 494) كاشف عنه؟
تنبيه: في (ص / 43) ذكر نقلاً من ((الفتاوى)) ليس فيه لفظ ((ليس)) , وإِن كان السياق يقتضيه, ومعلوم أَن النقل ينزل منزلة الرواية فلا يجوز لناقل تعديل ولا تصحيح إِلا بعد الإِشارة إِليه وهذا معلوم في آداب التأْليف, فكان الواجب ذكر النص بحروفه ثم الإشارة بعد ذلك إِلى تصحيحه لكنه الاستمراء للتغيير والتبديل. ورحم الله شيخنا محمد الأَمين الشنقيطي إِذ في ((أَضواء البيان)) ذكر نقلاً فيه تطبيع ثم صححه بالحاشية, ولكن:
لا تعرضن بذكر ((ذا مع ذكر ذا)) ** ليس الصحيح إِذا مشى كالمقعد
وغير خاف أَصل البيت, والله المستعان.
الرابعة: قوله عن الأُستاذ محمد جميل زينو, (ص / 41):
الأَدلة التي ساقها هي من كتاب الله تعالى - وما فيها دليل إِلا وقد استدل به عالم من قبل, مثل الحافظ ابن حجر في ((الإِصابة)) و ((الزهر النضر)) , والآلوسي في ((روح المعاني)) , ومن قبلهم ابن كثير في ((التاريخ)): (1/ 328, 329) , وهكذا, فهل يصف هذا هؤلاء الأَعلام بالسذاجة والبلاهة؟؟ هذا إِن حُمل وصفه السذاجة والبلاهة للاستدلال, أَما إِن كان على ظاهر العبارة من وصفه الدليل بالسذاجة والبلاهة, فهذا له حكم شديد لا يخفى؟ ثم إِن هذا الكاتب أَبدى استغفالاً للقراء, فناقش الأَدلة التي يذكرها العلماء من باب تعاضد الأَدلة, وترك مناقشة الأَدلة الأُخرى - التي ساقها صاحب ((التنبيهات)) - وهي العمدة للقائلين بنبوته, واقتصر عليها شيخنا الشنقيطي - رحمه الله تعالى - في ((أَضواء البيان)): (3/ 162).
وهذا الصنيع من التلبيس في المناقشة, وما تركها إِلا لأَنه لا يمكن الانفصال عنها بجواب مقنع.
تنبيه مهم: وإِذا اتضح لك مما تقدم أَن الكاتب جال بغير حق فيما يلي:
1 - نسب القول بولاية الخضر إِلى الأَكثرين ولا تصح.
2 - أَخفى من نسب القول بنبوته إِلى الأَكثرين.
3 - حكى القول عن شيخ الإِسلام من أَن الخضر ولي وأَنه حي. وهو قول شاذ موهن النسبة, وأَخفى ما قاله شيخ الإِسلام من أَن الخضر قد مات وهو الذي تناقله الناس عنه.
4 - وأَنه يعتمد الاحتجاج بقول الجمهور لا الاحتجاج بالدليل.
5 - أَنه تجاهل على الشيخ محمد جميل, وتجاهله عليه ينسحب على من سبقه من العلماء.
6 - أَنه ناقش أَدلة نبوة الخضر - عليه السلام - التي تذكر للاعتضاد, ولم يناقش الأَدلة المعتمدة في الاستدلال, مع أَن الشيخ جميل ذكر الجميع.
7 - غلط على ابن كثير - رحمه الله تعالى - إِذ نسب إِليه أَنه قال بولاية الخضر - عليه السلام -: الأَكثرون, وهو إِنما قال: (وذهب كثيرون. . .).
8 - خالف أَدب الخلاف بذكره مع من قال به, وما يستدل به لكل قول, ومناقشة المرجوح, وبيان الراجح بدليله, وإِنما يسوق المسأَلة لقول اختمر عنده ليؤيده, وهذه طريقة من لا يفلح بالصواب.
إِذا اتضح ذلك, فاعلم أَن القول بولاية الخضر, والقول بأَنه مازال حياً, قد جرا من البلايا والمحن والدعاوى الكاذبة, والتلبيس على العامة بل وعلى الخاصة ما لا يصدقه عقل, ولا يقبله دين من دعوى فضل الولاية والأَولياء على النبوة والأَنبياء, وأَن فلاناً لقي الخضر -عليه السلام- واستلهمه كذا وكذا. . والقول بولايته وحياته أَبدا الدهر: هما معتقد الصوفية في جعل الشريعة لها ظاهر وباطن, وأَن علماء الباطن ينكرون على علماء الظاهر, ولا عكس, وبه قالوا بحجية الإِلهام, وأَن الولي أَفضل وأَعلم من النبي, والدعوى الواسعة للقاء الخضر والأَخذ عنه, فمنهم من لقي الخضر يصلي على المذهب الحنفي, وآخر رآه يصلي على المذهب الشافعي, وهذا الحصفكي يذكر في مقدمة كتابه ((الدرر المختار)) أَن الخضر أَوْدَعَ أَوراق المذهب الحنفي في نهر جيحون إِلى وقت نزول عيسى - عليه السلام -, ليحكم بها آخر الزمان؟!
¥