ويظهر أَن أَول من فتح باب الفتنة في نسج الخرافات والضلالات حول الخضر -عليه السلام- وولايته هو: الحكيم الترمذي, المتوفى سنة 320هـ في كتابه ((ختم الولاية)) (). ورحم الله الحافظ ابن حجر إِذ قال في ((الزهر النضر)) (ص / 67): (كان بعض أَكابر العلماء يقول: أَول عقدة تحل من الزندقة, اعتقاد كون الخضر نبياً, لأَن الزنادقة يتذرعون بكونه غير نبي إِلى أَن الولي أَفضل من النبي. .) اهـ. ولهذا فقد اعتنى حماة الديانة بكشف هؤلاء المتصوفة الغلاةِ وتزييف مقاماتهم, وأَنها دركات شيطانية, ولشيخ الإِسلام في ذلك القِدْح المعلى كما في ((الفتاوى)): (27/ 100, 103) , (13/ 67) , (11/ 433) وغيرها. وفي مباحث (العلم اللدني) كما لدى ابن القيم في ((مدارج السالكين)): (2/ 475) , (3/ 416, 431 - 433) وغيرها, والله أَعلم.
ومنها: أَنه في ((صفوة التفاسير)): (2/ 56) عند قوله تعالى: ? ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ ? تفسيره من قول يوسف - عليه السلام -.
وصاحب ((التنبيهات)): (ص / 38, 44) يتعقبه بذلك, على أَنه من قول امرأَة العزيز, وهذا اختيار المحققين, منهم ابن تيمية, وتلميذه ابن القيم, وابن كثير - رحم الله الجميع -.
والكاتب في ((كشف الافتراءات)): (ص / 49, 55 - 155, 162) يرد على الشيخين: محمد جميل, وسعد ظلام في ذلك.
ومن نظر في كلام ابن القيم الذي نقله صاحب ((التنبيهات)): (ص / 42, 44) إِذ جمع الأَدلة على أَنه من قول امرأَة العزيز - ظهر له بجلاء أَنه التحقيق فلتنظر. والكاتب في ((كشف الافتراءات)) لم يتعرض لنقض أَدلة هذا القول, لأَنه لا راد له. ويكفي هذا تعقباً عليه.
تنبيه: وفي ((كشف الافتراءات)): (ص / 115) قال: (هذه كل التنبيهات التي أَوردها زينو. . .) انتهى. ليست كلها فقد بقي بقية, منها: ما ذكره صاحب ((التنبيهات)) (ص / 34) في (التنبيه الخامس) بعنوان: (الأَولياء لا يعلمون الغيب) , متعقباً ما في ((صفوة التفاسير)) (2/ 198) عند قوله تعالى: ? وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ?, إِذ قال هذا المفسر الخطير: (أَي علماً خاصاً بنا, لا يعلم إِلا بتوفيقنا, وهو علم الغيوب, قال العلماء: هذا العلم الرباني ثمرة الإِخلاص والمتابعة. . .). فلم يورده الكاتب في ((كشف الافتراءات)) ولم يتعقبه بشيء, فهل هذا تسليم, أَم أَنه لا يطيق الاعتذار هن هذا التأْويل الذي تبناه غلاة المتصوفة في تفسيراتهم السقيمة (لِلْعِلْمِ اللَّدُنِّي)
وتحرير القول فيه منتشر في كتب السلف, انظر: ((مدارج السالكين)): (2/ 475) , (3/ 416, 433) وفيه قال: (فالعلم اللدني ما قام الدليل الصحيح عليه أَنه جاء من عند الله على لسان رسله, وما عداه فلدني من لدن نفس الإِنسان منه بدأَ وإِليه يعود وقد انبثق سَدُّ العلم اللدني, ورخص سعره, حتى ادعت كل طائفة أَن علمهم لدني, وصار من تكلم في حقائق الإِيمان والسلوك, وباب الأَسماء والصفات بما يسنح له, ويلقبه شيطانه في قلبه: يزعم أَن علمه لدني, فملاحدة الاتحادية, وزنادقة المنتسبين إِلى السلوك, يقولون: أَن علمهم لدني. وقد صنف في العلم اللدني: متهوكوا المتكلمين, وزنادقة المتصوفين, وجهلة المتفلسفين, وكل يزعم أَن علمه لدني, وصدقوا وكذبوا, فإِن ((اللدني)) منسوب إِلى ((لدن)) بمعنى ((عند)) فكأَنهم قالوا ((العلم اللدني)) , ولكن الشأْن فيمن هذا العلم عنده ومن لدنه, وقد ذم الله بأََبلغ الذم من ينسب إِليه ما ليس من عنده, كما قال تعالى: ? وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ? انتهى. وأَختم هذا ((التحذير)) وما تلاه من ((تذييل)) بما قاله ابن القيم - رحمه الله تعالى - في ((الصواعق المرسلة)): (1/ 262, 263): (فما ذنب أَهل السنة والحديث, إِذا نطقوا بما نطقت به النصوص, وأَمسكوا عما أَمسكت عنه, ووصفوا الله بما وصف به نفسه, ووصفه رسوله, وردوا تأْويل الجاهلين, وانتحال المبطلين, الذين عقدوا أَلوية الفتنة, وأَطلقوا أَعنة المحنة, وقالوا على الله, وفي الله بغير علم, فردوا باطلهم, وبينوا زيفهم, وكشفوا إِفكهم, ونافحوا عن الله ورسوله. فلم يقدروا على أَخذ الثأْر منهم إِلا بأَن سموهم: مشبهة, ممثلة, مجسمة, حشوية,
¥