ولو كان لهؤلاء عقول لعلموا أَن التلقيب بهذه الأَلقاب ليس لهم, وإِنما هو لمن جاء بهذه النصوص, وتكلم بها, ودعى الأُمة إِلى الإِيمان بها ومعرفتها, ونهاهم عن تحريفها وتبديلها. فَدَعُوا التشنيع بما تعملون أَنتم وكل عاقل منصف: أَنه كذب ظاهر, وإِفك مفترى. . .) انتهى.
وهذا الكلام من ابن القيم - رحمه الله تعالى -: مُسْتَلٌّ من مشكاة النبوة, الرامية إِلى حراسة الشريعة بنصب عامل الاحتساب ((لضرب كل بنان)) يريد أَن يخط في وحده صف الأُمة سطور الفرقة والاختلاف, ومزاحمة اعتقاد السلف والقضاء عليه. والذين يلوون أَلسنتهم باستنكار نقد الباطل وإِن كان في بعضهم صلاح وخير, لكنه الوهن, وضعف العزائم حيناً, وضعف إِدراك مدارك الحق, ومناهج الصواب أَحياناً, بل في حقيقته من ((التولي يوم الزحف)) عن ((مواقع الحراسة)) لدين الله والذب عنه, وحينئذٍ يكون الساكت عن كلمة الحق كالناطق بالباطل في ((الإِثم)) قال أَبو على الدقاق: ((الساكت عن الحق شيطان أَخرس والمتكلم بالباطل شيطان ناطق)). والنبي ? يخبر بافتراق هذه الأُمة إِلى ثلاث وسبعين فرقة, والنجاة منها لواحدة على منهاج النبوة, أَيُرِيد هؤلاء اختصار الأُمة إِلى فرقة وجماعة واحدة مع قيام التمايز العقدي المضطرب؟؟!
أَم أَنها ((دعوة إِلى وحدة تُصَدِّعُ كلمة التوحيد)) فاحذروا.
وما حجتهم إِلا المقولات الباطلة:
((الحق واضح ولا داعي للرد)).
((الحرية في الاعتقاد)).
((لا تثيروا الخلاف هداكم الله)).
((نلتقي فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه)). وهكذا.
وأَضعف الإِيمان أَن يقال لهؤلاء: هل سكت المبطلون لنسكت, أَم أَنهم يهاجمون الاعتقاد على مرأَى ومسمع ويطلب السكوت؟ اللهم لا.
ونعيذ بالله كل مسلم من تَسَرُّبِ حجة يهود, فهم مختلفون على الكتاب, مخالفون للكتاب, ومع هذا يظهرون الوحدة والاجتماع وقد كذبهم الله تعالى فقال سبحانه: ?تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى? وكان من أَسباب لعنتهم ما ذكره الله بقوله: ? كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ? الآية.
فلا بد لشداة الاعتقاد الإِسلامي الصافي من كل شائبة: من كشف زيوف العداء والاستعداء, وحراسة الصف من الداخل كحراسته من العدو الخارج سواء ? وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا?, فنحن ولله الحمد على أَمر جامع في الاعتقاد على ضوء الكتاب وسنة النبي - عليه الصلاة والسلام -, فلابد من لازم ذلك بالذب عن الاعتقاد, ونفي أَي دخيل عليه, سيراً على منهاج النبوة, وردعاً لـ ((خُفَرَاءِ الْعَدُو)) , واستصلاحاً لهم.
وهذا أَصل من أَصول أَهل السنة والجماعة, ومنه نقضهم على أَهل الأَهواء أَهواءهم في حملاتهم الشرسة, وهزاتهم العنيفة لِيَبْقَى الاعتقاد على ميراث النوة نقياً صافياً. وإِن المؤمن للمؤمن كما قال شيخ الإِسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في ((الفتاوى)) (28/ 53): (المؤمن للمؤمن كاليدين تغسل إِحداهما الأُخرى وقد لا ينقلع الوسخ إِلا بنوع من الخشونة, لكن ذلك يوجب من النظافة والنعومة, ما نحمد معه ذلك التخشين) انتهى. فعلى أَهل العلم والإِيمان التيقظ لتلك الأَقلام ? وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ?, وكل يقوم بهذا الواجب حسب وسعه وطاقته على منهاج الشريعة ? وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ. . . ? والنصح لكل مسلم ((ميثاق نبوي)) والسلام.
بكر بن عبد الله أَبو زيد
في 25/ 4 / 1409هـ
انتهى كتاب التحذير - ويليه زيادات مهمة
1 - للشيخ إِسماعيل الأَنصاري
............................................ باحث في رئاسة الدعوة والإِرشاد.
2 - سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
.............. الرئيس العام لإِدارة البحوث العلمية والإِفتاء, والدعوة والإِرشاد.
3 - أَحمد عباس البدوي
................................ عميد كلية التربية بجامعة الملك سعود بالرياض.
4 - محمد بن جميل زينو
.......................................... المدرس في دار الحديث الخيرية بمكة.
5 - الشيخ محمد سعيد القحطاني
........................ رئيس قسم القراءات في جامعة أُم القرى بمكة المكرمة.
ملاحظات على صفوة التفاسير
¥