تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

2 - والميزة الثانية كونه أوّل كتاب في هذا العلم عمل فيه صاحبه أبواب أصول القراءات قبل فرش الحروف من آي القرآن التي اختلف في قراءتها أئمة القراء. وأفرد هذه الأصول، وجعلها مجموعة وحدها في جزء واحد مستقل قائم بذاته، ثم أورد فرش حروف الاختلاف في جزء آخر، مستقل وقائم بذاته أيضاً. وبذلك التفريق صار هذا الكتاب كأنه كتابان اثنان، أحدهما في أصول القراءات، والآخر يتضمن فرش حروف الاختلاف.

وكان العلماء قبل الإمام العُماني يوردون أصول القراءات خلال فرش الحروف كلما عرضت مسألة من مسائل الأصول، أو دَعَت الحال لبيان قاعدة من قواعدها. وهكذا تأتي الأصول والحروف متداخلة بعضها ببعض. ويؤدي ذلك إلى انقطاع التسلسل الطبيعي في محتوى الكتاب، واضطراب الترتيب فيه. وينشأ عن ذلك نوع من الصعوبة في مطالعة الكتاب، وشيء من العسر في معرفة مواضع أبواب الأصول فيه. فجاء الإمام العماني، وأزال هذا التداخل من كتابه، وأعاد الأمر إلى نصابه، وحقق اليسر فيه، وكان السبّاق إليه.

ونرى هذا التداخل والعسر في "كتاب السبعة في القراءات" لأبي بكر ابن مجاهد، وفي كتاب "المبسوط في القراءات العشر" لأبي بكر أحمد بن الحسين بن مِهْران الأصبهاني، وهما سابقان في التأليف كما عرفنا آنفاً.

وقد اقتدى الحافظ شمس الدين أبو الخير ابن الجَزَري بالإمام العماني، وسار على نهجه في تأليف كتابه الكبير "النشر في القراءات العشر"، فقدّم فيه أبواب أصول القراءات بأجمعها على فرش حروف الاختلاف.

وكان الإمام العُماني مدركاً لأهمية هذه الميزة التي حققها في ترتيب كتابه، ولسبقه إلى إزالة العسر منه. فأشار إلى ذلك في مقدمة الكتاب، وقال مشيداً بصنيعه:» وهو كتاب يشتمل على علم القراءات، ومعرفة وجوه الروايات. وقد رتَّبْته ترتيباً لم يسبق إليه، ورصّعته ترصيعاً لا مزيد عليه «([70]). ولقد صدق في قوله، وحق له التنويه بصنيعه.

® ® ®

وضع الإمام العُماني هذا الكتاب حين حلوله في سِجِسْتان. وكان الدافع لوضعه هو تحقيق رغبة شيخه أبي الحسن علي بن زيد بن طلحة. والظاهر أن هذا الرجل كان من أولي الأمر والسلطان في هذا الإقليم من بلاد الإسلام، أو من ذوي الجاه والشأن في العلم والعرفان. يضاف إلى ذلك رغبة أصحابه القراء هناك، وسؤالهم إياه وضع هذا الكتاب. ولا نرى هذه الرغبة وهذا السؤال إلا دليلاً على علوّ كعب هذا الإمام في علم القراءات، واشتهاره فيه، وذيوع صيته في بلاد الإسلام.

قال في بيان ذلك كله في مقدمة الكتاب:

هذا كتاب شرعت في وضعه وتصنيفه لشيخنا أبي الحسن علي بن زيد بن طلحة، أيده الله وأبقاه، وأحيا بأيامه رسوم العلم، وأنار بدوام عزّه سبل الأدب، لأني وجدته مصروف العناية إلى كتاب الله تعالى، كثير الاهتمام به وبذويه، شديد البحث عنه وعن علومه، متبرّكاً بالمواظبة على دراسته، آخذاً نفسَه بالمداومة على تلاوته. فرغبته ورغبة أصحابنا القراء بسجستان، ومسألتُهم إيّانا، نشطتْنا في وضع كتابنا هذا ([71]).

® ® ®

يحتوي هذا الكتاب على القراءات الثماني عن الأئمة الثمانية الذين روى الإمام العُماني قراءاتهم، منهم أولئك الأئمة القراء السبعة الذين اختارهم قبله أبو بكر ابن مجاهد في "كتاب السبعة"، وهم:

1 - عبد الله بن كَثِير، إمام أهل مكة وقارئهم؛

2 - نافع بن عبد الرحمن، إمام دار الهجرة، مدينة الرسول صلى الله عليه و سلم؛

3 - أبو عمرو بن العلاء، إمام أهل البصرة؛

4 - عبد الله بن عامر، إمام أهل الشام؛

5 - عاصم بن أبي النَّجود، من أئمة أهل الكوفة؛

6 - وحمزة بن حبيب، من أئمة أهل الكوفة؛

7 - علي بن حمزة الكسائي، من أئمة أهل الكوفة.

وقد ذكرنا أسماء هؤلاء الأئمة وأنسابهم ووفياتهم سابقاً. والإمام الثامن الذي روى قراءته، واختاره إلى جانبهم هو:

8 - أبو محمد يعقوب بن إسحاق بن زيد بن عبد الله بن أبي إسحاق الحَضْرَمِي، إمام أهل البصرة ومقرئهم في زمنه. توفي سنة 205 هـ.

وقد أشار إلى اختياره قراءة القراء الثمانية بقوله في مقدمة الكتاب:

فأوردت فيه ما أورده المتقدمون في كتبهم من قراءة القراء الثمانية، أئمة أهل الأمصار، من الحجاز والشام والعراق، مستوعباً أكثر رواياتها، مبيّناً ما اشتهر منها، منبّهاً على ما شذّ عنها، مميّزاً بين المستعمل والمرفوض ([72]).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير