تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

من العلماء الذين رأيت لهم أقوالاً معتدلة في الحكم على العلماء الإمام شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي، ومن ذلك أنه ذكر في ترجمة محمد بن نصر المروزي بعض أقواله في العقيدة، وأنه هجره على ذلك علماء وقته، وخالفه أئمة خراسان والعراق، ثم قال الذهبي: ولو أنَّا كلما أخطأ إمام في اجتهاده في آحاد المسائل خطأ مغفورًا له قمنا عليه وبدَّعناه وهجرناه؛ لما سلم لنا لا ابن نصر ولا ابن مَنْدَه ولا من هو أكبر منهما، والله هو هادي الخلق إلى الحق، وهوأرحم الراحمين، فنعوذ بالله من الهوى والفضاضة ([1]).

وقال في ترجمة محمد بن إسحاق ابن خزيمة: وكتابه في التوحيد مجلد كبير، وقد تأول في ذلك حديث الصورة؛ فَلْيعذر من تأول بعض الصفات، وأما السلف فما خاضوا في التأويل، بل آمنوا وكفُّوا وفوضوا علم ذلك إلى الله ورسوله، ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده -مع صحة إيمانه وتوخِّيه لاتِّباع الحق- أهدرناه وبدَّعناه .. لَقَلَّ من يَسلَم من الأئمة معنا، رحم الله الجميع بمنِّه وكرمه ([2]).

وحديث الصورة المذكور هو ما أخرجه ابن خزيمة من حديث أبي هريرة ط قال: قال رسول الله ج: "خلق الله آدم على صورته وطوله ستون ذراعًا .. "، الحديث، قال أبو بكر ابن خزيمة: فصورة آدم -وهي ستون ذراعًا- التي خبَّر النبي صلى الله عليه وسلم أن آدم خُلق عليها، لا على ما توهم بعض من لم يتحرَّ العلم فظن أن قوله على صورته صورة الرحمن ([3]).

وذكر في ترجمة الشيخ أبي اليُمن زيد بن الحسن الكندي انتقاد القفطي له، ثم قال: قلت: ما علمنا عنه إلا خيرًا، وكان يحب الله ورسوله وأهل الخير، وشاهدت له فتيا في القرآن تدل على خير وتقرير جيد، لكنها تخالف طريقة أبي الحسن (يعني الأشعري)، فلعل القفطي قصد أنه حنبلي العقد، وهذا شيء قد سمج القول فيه، فكل من قصد الحق من هذه الأمة فالله يغفر له، أعاذنا الله من الهوى والنفس ([4]).وقال في ترجمة الإمام أبي الحسن الأشعري رأيت للأشعري كلمة أعجبتني وهي ثابتة، رواها البيهقي: سمعت أبا حازم العبدري: سمعت زاهر بن أحمد السرخسي يقول: لما قرب حضور أجل أبي الحسن الأشعري في داري ببغداد دعاني فأتيته فقال: اشهد عليَّ أني لا أُكفِّر أحدًا من أهل القبلة، لأن الكل يشيرون إلى معبود واحد، وإنما هذا كله اختلاف العبارات.

قال الذهبي: قلت: وبنحو هذا أدين، وكذا كان شيخنا ابن تيمية في أواخر أيامه يقول: أنا لا أكفِّر أحداً من الأمة، ويقول: قال النبي ج: "لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن" ([5])، فمن لازم الصلوات بوضوء فهو مسلم ([6]).

وقال في ترجمة شيخ الإسلام موفق الدين عبدالله بن أحمد بن قدامة: وقال أبو شامة: كان إمامًا علَمًا في العلم والعمل، صنف كتبًا كثيرة، لكن كلامه في العقائد على الطريقة المشهورة عن أهل مذهبه، فسبحان من لم يوضح له الأمر فيها على جلالته في العلم ومعرفته بمعاني الأخبار!

قال الذهبي: قلت: وهو وأمثاله متعجب منكم مع علمكم وذكائكم كيف قلتم! وكذا كل فرقة تتعجب من الأخرى، ولا عجب في ذلك، ونرجو لكل من بذل جهده في تطلُّب الحق أن يُغفَر له من هذه الأمة المرحومة ([7]).

فهذه بعض أقوال الإمام الذهبي في الحكم على العلماء، وهو من تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية، وقد استفاد منه في تسامحه وعدله في الحكم على المخالفين له من العلماء.

13331

من أقوال بعض العلماء المعاصرين

يقول سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين في شرح "لمعة الاعتقاد" لموفق الدين ابن قدامة:

وحكم التأويل على ثلاثة أقسام:

الأول: أن يكون صادرًا عن اجتهاد وحسن نية؛ بحيث إذا تبين له الحق رجع عن تأويله؛ فهذا معفو عنه لأن هذا منتهى وسعه، ..........

الثاني: أن يكون صادرًا عن هوى وتعصب، وله وجه في اللغة العربية؛ فهو فسق وليس بكفر، إلا أن يتضمن نقصًا أو عيبًا في حق الله؛ فيكون كفرًا.

الثالث: أن يكون صادرًا عن هوى وتعصب، وليس له وجه في اللغة العربية؛ فهذا كفر؛ لأن حقيقته التكذيب حيث لا وجه له ([8]).

وقد أجرى الأخ خالد الحسينان في مجلة "المسلمون" حوارًا مع الشيخ محمد العثيمين، وفي ذلك يقول: ماذا تقولون لمن يتتبعون أخطاء العلماء وسيئاتهم، ثم يُبرزونها ويسكتون عن حسناتهم بدعوى أن هذه الأخطاء في باب العقيدة؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير