ـ[خلوصي]ــــــــ[27 Dec 2008, 12:13 م]ـ
.........
بين يدي الإمام المهدي
والآن بعد أن طوفنا في جنبات هذا الموضوع، وأخذنا عنه لمحة موجزة؛ يَرِدُ على الذهن تساؤل مهم؛ وهو أن يقال: في أي اتجاه من هذه الاتجاهات سيكون الإمام محمد بن عبد الله المهدي؟ وكيف ستكون معاملته مع المخالفين؟ وهل سيجتمع عليه المسلمون وهم يضلل بعضهم بعضًا؟
والجواب على هذا التساؤل يمكن أن يقدم في نقاط:
1 - أن الإمام محمد بن عبد الله المهدي قادم قطعًا؛ لثبوت ظهوره وإقامته دولة الإسلام الكبرى في أحاديث صحيحة؛ منها ما أخرجه أبو داود في سننه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المهدي مني؛ أجلى الجبهة، أقنى الأنف،
يملأ الأرض قسطًا وعدلاً كما مُلئت ظلمًا وجورًا، ويملك سبع سنين" ().
وأخرجه الحاكم من حديث أبي سعيد ط وذكره نحوه ().
ومن ذلك ما أخرجه أبو داود من حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "المهدي من عنزتي من ولد فاطمة" ().
ومن ذلك ما أخرجه الحاكم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يخرج في آخر أمتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتُخرج الأرض نباتها، ويُعطي المال صَحاحًا ()، وتكثر الماشية، وتعظم الأمة، يعيش سبعًا أو ثمانيًا"؛ يعني حِجَجًا ().
ومن ذلك ما أخرجه الحارث بن أبي أسامة التميمي من حديث جابر، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ينزل عيسى ابن مريم، فيقول أميرهم المهدي: تعال صلِّ بنا، فيقول: لا، إن بعضهم أمير بعض، تكرمة الله لهذه الأمة".
ذكره الدكتور عبد العليم عبد العظيم البستوي، وحكم عليه بالصحة، ونقل عن الإمام ابن القيم أنه قال: "هذا إسناد جيد" ().
ومن ذلك ما أخرجه أبو داود من حديث عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطوَّل الله ذلك اليوم؛ حتى يبعث فيه رجلاً من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي" ().
2 - أن الأمة الإسلامية تبعًا لعلمائها تنقسم إلى طائفتين كبيرتين:
أولاهما: الذين أشهروا أنفسهم بالانتماء لمذهب السلف الصالح، وأهل السنة والجماعة، وهم الذين يطلق عليهم سابقًا أهل الحديث باعتبار أن أغلب أهل الحديث منهم، ويطلق عليهم أيضًا الحنابلة؛ باعتبار أنهم يأخذون بمذهب الإمام أحمد بن حنبل الاجتهادي في أمور الدين في الغالب، وهؤلاء من مذهبهم في أمور العقيدة إثبات جميع صفات الله تعالى، مع بيان معانيها من غير تكييف ولا تمثيل، واعتقاد عدم جواز التوسل والتبرك بذوات الصالحين حتى الأنبياء -عليهم السلام- بعد موتهم.
والطائفة الثانية: هم الذين خالفوا الطائفة الأولى؛ فذهبوا إلى تفويض معاني بعض الصفات إلى الله تعالى، أو تأويلها على غير ظاهرها؛ تنزيها له جل وعلا عن مشابهة المخلوقين، وبعضهم ذهبوا إلى جواز التوسل بذوات الصالحين، وبعض هؤلاء يطلقون على أنفسهم "الأشاعرة" نسبة إلى الإمام أبي الحسن الأشعري، وبعضهم يطلقون على أنفسهم "الماتريديه" نسبة إلى الإمام أبي منصور الماتريدي، وأصحاب هذه الطائفة أيضًا ينسبون أنفسهم لاتباع منهج السلف الصالح والانتماء لأهل السنة والجماعة، وقد اشتهر كثير من علماء الطائفتين الأولى والثانية بتضليل أو تبديع مخالفيهم من الطائفة الأخرى.
3 - أن المهدي إذا كان من أهل الطائفة الأولى فسيضلله أهل الطائفة الثانية؛ وهذا يعني أنهم لن يتبعوه، وإذا كان من أهل الطائفة الثانية فسيضلله أهل الطائفة الأولى؛ وهذا يعني أيضًا أنهم لن يتبعوه.
4 - هذه الرسالة تفترض وجود طائفة ثالثة؛ وهم أهل الوسط والاعتدال، وتقوم عقيدتهم على الحكم على المخالفين بالخطأ في الاجتهاد، بشرط أن يكون العلماء الذين بحثوا في هذا الموضوع من أهل الاجتهاد، مع ترك الحكم على مصيرهم في الآخرة إلى الله تعالى، والحكم بالخطأ لا يترتب عليه بغض ولا براء، وإنما يظل المختلفون على المحبة والولاء، وإن تمسك كل فريق منهم برأيه، وبالتالي فإن أفراد الطائفتين المذكورتين جميعًا إذا سلكوا هذا المنهج الوسط سيوالون المهدي ويتبعونه.
¥