لاشك أن المؤمن حينما يتوكل على الله ويفوض الأمر إليه يشعر بأنه يأوي إلى ركن شديد فلا يخش أحد، فالتوكل بالنسبة للنفس و الروح كالطعام بالنسبة للجسد لا حياة لها إلا به.
و التوكل فريضة يجب إخلاصه لله تعالى وعقيدة إسلامية لقوله تعالى (وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين) فإن تقديم المعمول يفيد الحصر: أي وعلى الله فتوكلوا لا على غيره
وهو من سمات المؤمنين الصادقين قال تعالى (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم ءآيته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون)
قيل لبعض الحكماء: ما الفرق بين اليقين والتوكل؟ قال: أما اليقين فهو أن تصدق الله بجميع أسباب الآخرة، والتوكل أن تصدق الله بجميع أسباب الدنيا
و قيل: من طعن في الاكتساب فقد طعن في السنة، ومن طعن في التوكل فقد طعن في الإيمان
التوكل في القرآن الكريم:
أمر الله بالتوكل عليه،ففي بعض الآيات كان الأمر من الله لأنبيائه والبعض الآخر لعموم المؤمنين ومن أمثلة ذلك: 1) ” …. فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ “ آية {159} سورة آل عمران.
2) ” وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ “ آية {11} سورة المائدة.
3) ” وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ” سورة الطلاق
التوكل في السنة النبوية:
كان النبي صلى الله عليه و سلم من أعظم المتوكلين , ومع ذلك كان يأخذ بالأسباب , فكان يأخذ الزاد في السفر، ولما خرج إلي أحد ظاهر بين درعين , أي لبس اثنين ولما خرج مهاجرا اخذ من يدله الطريق ولم يقل سأذهب مهاجراً وأتوكل على الله
عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ” لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصاً وتروح بطاناً ”
درجات التوكل:
ويمكن اعتبار درجاتٍ للتوكل كما يلي:
1 - الأولى: أن يكون المتوكل حاله في حق الله سبحانه والثقة بكفالته وعنايته كحاله في الثقة بالوكيل (هذا توكل العامة)
2 - الثانية: حال المتوكل مع الله تعالى كحال الطفل مع أمه فإنه لا يعرف غيرها ولا يفزع إلى أحد سواها ولا يعتمد إلا إياها والفرق بين هذه الدرجة والأولى أن هذا متوكل وقد فني في توكله عن توكله إذ ليس يلتفت قلبه إلى التوكل وحقيقته، بل إلى المتوكَل عليه فقط وهي أقوى من الأولى
3 - الثالثة: أعلاها، وتكون باستسلام القلب لله وانجذاب دواعيه كلها إليه وقطع منازعته، ويكون بين يدي الله تعالى في حركاته وسكناته مثل الميت بين يدي الغاسل لا يفارقه (وهو توكل الخاصة).
ثمار التوكل:
1_ طمأنينة النفس وارتياح القلب وسكونه
2_ كفاية الله المتوكل جميع شئونه: لقوله تعالى (ومن يتوكل على الله فهو حسبه)
3_ يورث محبة الله تعالى للعبد لقوله تعالى (إن الله يحب المتوكلين)
4 - يورث قوة القلب وشجاعته وثباته وتحديه للأعداء ويورث القوة الروحية لحديث (… ومن سره أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله…) رواه ابن أبي حاتم
5 - يورث الصبر والتحمل
6_ يورث النصر والتمكين
7_ يورث الرزق
8_ يطرد داء العجب والكبر
9_ يطرد التطير والأمراض القلبية كالتشاؤم ولبس الحلقة والخيط
10_ يورث الرضا بالقضاء. قال ابن القيم: فإنه إذا توكل حق التوكل رضي بما يفعله وكيله
11_ الثقة بالله وعدم اليأس
عوائق التوكل:
1 - الجهل بمقام الله من ربوبية وألوهية وأسماء وصفات
2 - الغرور والاعجاب بالنفس
3 - الركون للخلق والاعتماد عليهم في قضاء الحاجات
4 - حب الدنيا والاغترار بها مما يحول بين العبد والتوكل لأنه عبادة لاتصح مع جعل العبد نفسه عبداً للدنيا.
التوكل لا يكون إلا على الله:
يسوغ: لولا الله ثم فلان إن كان فلان سبباً، وليس يجوز: توكلت على الله ثم عليك، وأقبح منه: توكلت على الله وعليك، فإن الله تعالى يقول: {وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ}، {أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلً}، وقال: {وعلى الله فليتوكل المؤمنون}، وتقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر.
فالاستعانة بغير الله فيما يقدر عليه لا شيء فيها، أما التوكل فعل القلب لا يكون إلا على الله تعالى، أسأل الله العلي أن يملأ قلوبنا بالاعتماد عليه.
تعريف التواكل:
هو ترك الكسب والطمع في المخلوقين والاعتماد عليهم بالتخلي عن الأسباب التي وضعها الله عز وجل والانقطاع عن السعي والتقاعد عن العمل وانتظار النتائج من الخلق أو القدرأو الاتكال على الله أن يخرق له العوائد.
والتواكل خسة همة وعدم مروءة لأنه إبطال حكمة الله التي أحكمها في الدنيا من ترتب المسببات على الأسباب.
ولقد حارب الاسلام التواكل وحذر منه، وهو حرام ليس من الشرع أصلاً وهو مخالف للنصوص
الفرق بين التوكل والتواكل:
التوكل والتواكل صفتان من الصفات الخلقية ,أولهما محمودة والثانية مذمومة وقد خلط بينهما كثير من الجهال مع أن الفرق واضح جلي لمن أخلص في عبادته لربه ويظهر ذلك من خلال القرآن الكريم وسنة الرسول صلى الله عليه و سلم ومنهجه القويم.
وقد سبق تعريف التوكل بأنه توكل على الله مع الأخذ بالأسباب. و التواكل: هو ترك الأسباب وعدم بذلها.
إن الإسلام يقر التوكل ويرضي عنه ويدعو إليه وقد ذكر الله عنه أنه من صفات المؤمنين بل أنه من شروط الإيمان بالله , أما التواكل فلا يقره الإسلام ولا يرضاه ويهدم تعاليم الدين , لأن الله أمر بالأخذ بالأسباب في كتابه العزيز وتؤيد ذلك السنة، والتواكل هو العجز والكسل والخمول.
منقول للفائدة.