تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إن سرالعظمة والقدرة وعلو الشأن والقيمة ليست فى المخلوق نفسه مهما كان بل فى الله سبحانه الخلاق فى طلاقة قدرته وبدائع صنعه وكمال علمه وحكمته.

لقد جاءت الرؤيا فى سورة يوسف لتؤكد أن الفاعلية الحقة هى لله سبحانه وأن هذه الفاعلية قد تأتى من غير سبب أوبسبب ... وقد تظهر فى أى سبب وفى أضعف سبب فالعبرة إذن ليست فى السبب ذاته بل فى خالق السبب.

{إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأبِيهِ يا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ* قَالَ يا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُّبِين* وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَآ أَتَمَّهَآ عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}

لما قص يوسف الرؤيا على أبيه ... علم أبوه ان الرؤيا حق وصدق ... وأدرك الأب الرحيم والنبى الكريم أن رؤيا ابنه عظيمة الأهمية وبالغة الأثرعلى يوسف أولاً وعلى إخوته وأسرته ثانياً وأن لهذا الصبى شأناً عظيماً ومقاماً رفيعاً فى الأرض وسمواً وعلواً على إخوته ... لذا أراد أن يسد الذرائع على أبنائه وأن يقى ابنه من أخطر عدوين:

شرالناس (حسد الأخوة) - شرالشيطان (عدو الناس)

إن نعمة الله علي يوسف الذى أنعم عليه بالخلق والرزق تتم بالهدى والدين كما أتمها بذلك على آل يعقوب وعلى آبائه إبراهيم واسحاق من قبل وفى ذلك إشارة إلى أن من فضل الله ورحمته أن جعل صلاح الآباء المؤمنين يفيض خيره ويمتد إلى ذرياتهم المؤمنة فى الدنيا والآخرة ومن أمثلة ذلك قصة اليتيمين أصحاب الكنز فى قصة العبد الصالح مع موسي عليه السلام فى سورة الكهف ... فصلاح أبيهما فاض وامتد إليهما من بعد موته.

2. مؤامرة الحاسدين: (الآيات7 - 10)

{لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِّلسَّآئِلِينَ* إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ* اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِاطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ* قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ}

بعد ذكرالرؤيا ودلالاتها والتى جاء بها فاتحة للقصة كونها محورها ... وبعد أن عرف بيوسف كونه بطل القصة وعلمها ... عاد للقصة فى تسلسلها الطبيعى وقدم ذكر يوسف وإخوته إذ هم القاسم المشترك فى جميع أحداثها مبرزاً الحكمة منها والمقصد فهى آيات للسائلين فهى ليست للترفيه والتسلية كشأن كثير من القصص الإنسانية بل هى منارات ومعالم علم وحكمة ... ومن حكمتها وعبرها أنها أظهرت مثلاً من أمثلة نبتة السوء فى النفس الإنسانية تنبت فى الأرض الطيبة.

ثم بينت الآيات أن هناك أخوة من أب واحد غير أشقاء وأنهم فريقان:

• فريق يوسف وأخيه (أخوين شقيقين).

• فريق القائلين وهم أخوة غيرأشقاء لهما وأنهم نازعوا وخاصموا يوسف وأخاه لا لشىء فعلوه ولكن مجرد عصبية دموية وتعصب جاهلى ... فهم لم يوجهوا للفريق الأول أي اتهام على الإطلاق وأن التهمة الوحيدة وجهت للأب وهى أنه أشد حباً للفريق الآخر (يوسف وأخيه) والتهمة ظنية لم تقم على دليل ولا برهان والتهمة وهمية لم تقم على تجريم بذنب ... ولو فرضنا جدلاً صحة ظنهم فهل الحب تهمة وجريمة تقتضى المسئولية والعقوبة ... والأدهى من ذلك والأّّّّّّمر أنهم بناء على ذلك أصدروا حكماً دون محاكمة وأنزلوا فى هذا الحكم أقصى العقوبة (محاولة قتل الأخ الصغيروتلويع قلب الأب الكبير) ... لماذا؟

لأنه نما فى ظنهم (مجرد مظنة) حب أشد من أبيهم للفريق الآخر وهل الحب جريمة؟ وهل الحب يشترى ويباع؟ وهل الحب يكتسب بالقهر والإرغام وشرالأعمال؟ إن الحب الفطرى السليم فى الأباء لخصته كلمات (صغيرهم حتى يكبر– مريضهم حتى يشفى وغائبهم حتى يرجع).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير