ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[13 May 2010, 12:00 ص]ـ
ورد هذا المقال في موقع الأستاذ الجابري، وقد ارتأيت اقتباسه هنا لنتحاور في الأفكار
الواردة فيه لما للموضوع من أهمية تمس كل واحد منا. قال رحمه الله:
أما الذين يتظاهرون بالإسلام وفي نفس الوقت يتواطئون مع خصومه فيتولونهم (ينصرونهم) ويتآمرون معهم لإيذاء المسلمين، (وهم بتعبيرنا المعاصر الجواسيس والخونة)، فالقرآن يدعو إلى أخذ الحيطة منهم، وعدم الثقة فيهم، ولكن دون التنصيص على عقوبة دنيوية ضدهم، فعقوبتهم هي عقوبة حلفائهم الكافرين، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (التحريم 9)، والمعنى، كما يقول المفسرون: "جَاهِدِ الْكُفَّار بالسيفَ، وَالْمُنَافِقِينَ بالوعيد واللسان"، ولم يأمر القرآن لا بتكفيرهم ولا بنبذهم، ولم يعلن البراءة منهم، لأنهم حصَّنوا أنفسهم بإظهار الإسلام.
أليس هذا تناقضا يا عباد الله؟
ألم يسو بين المسلمين وغيرهم في أول مقاله؟
ألم يقل إن حكم الجميع موقوف على فصل الله بينهم يوم القيامة؟
ثم هو يذكر هنا أن الإسلام له أعداء وخصوم وفيه منافقون فمن أين جاءت هذه العداوة والخصومة والنفاق وما سببها؟
ثم لما التقول على القرآن؟
ألم يقل الله:
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (63)) سورة النساء
(فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (88) وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (89)) سورة النساء
(بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (139) وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140)) سورة النساء
لا يكفي هذا في تكفيرهم ونبذهم والبراءة منهم؟
سيقول البعض إنه يريد عدم تكفير الأعيان.
أقول نعم هذا في حقنا وحقهم كأفراد، ولكن لا يضرب القرآن بعضه ببعض كما فعل الجابري في مقالته وبالذات في هذه الفقرة فهو يحكم على المنافقين بنفس حكم حلفائهم ثم بعد ذلك يخرجهم من تحت ذلك الحكم ثم يمنع تكفيرهم ونبذهم والبراءة منهم.
فأي تناقض أكبر من هذا التناقض؟
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[14 May 2010, 09:24 م]ـ
الأخ أبا سعد الغامدي
شرفنا مروركم ونقاشكم
ولكن بدوتم تنطلقون من تشكيك مسبّق في النوايا وانتقادات لشخص الكاتب وتصوير صِدام بين
الفكر الكلي للقرآن وبين الكاتب، لا مجرد سوء فهم لدى الجابري لم نتيقنه بعدُ لأن الأسئلة التي
تضمنها المقال والتي صنفها أخونا البعداني لم يُجب عليها بعد.
هكذا بدوتم لي تنطلقون، إن صدق نظري القاصر، وعلى فرض صدقه أقول
نحن هنا ننطلق من غير منطلقاتكم.
من أن الكاتب الجابري رحمه الله، وهو من أهل التفسير، ما دام قد ألف تفسيرا من 3 أجزاء، مسلم
مجتهد. وما ننكر أن لديه ميلا للعقلانية العالمية المعاصرة، وقد صرّح بأنه ينتصر لها بل وقف حياته
على الدعوة لها، بل ميزته أنه حاول تجديد التراث من داخله بأدوات عقلانية عالمية معاصرة.، وأنه لكلّ
ذلك ليس بمأمن من أن يقع في إسقاط وأن يحاول صرف النص القرآني إلى احتمال لا ينتصر له سياقه
التاريخي والديني الذي مثله تجربة الرسول وصحابته الكرام. ونحن إنما نريد أن نكتشف فقط هل أصاب
أم أنه وقع في إسقاط فجانف الصواب.
وهو لدينا على درجة واحدة مع من يتطرفون في الاتجاه المعاكس في فهم النص فيتجاهلون الواقع والعقلانية والمخاطَب بالقرآن والرسالة الإلهية أي الإنسان. أعني في هذه القضية بالذات.
ولذلك وددت من أخوّتكم أن تشاركونا الحوار في الخطوات التي وُضعت لنحلها واحدة واحدة.
فقد علّمنا الأستاذ الراحل أن الرفض من الخارج هو رفض المتعصبين المنغلقين الذين هم بما هم كذلك
خارج العلم والتاريخ. أما الرفض من الداخل أي أن نقوم بتحليل الفكرة ونكتشف تناقضها الداخلي أو مع
ما هو مجمع عليه معلوم من الدين بالضرورة فهذا هو رفض العلماء وهو ما نبذل وسعنا أن نصل إليه.
نتشرف بك أخي أبا سعد أخاً في الحوار والنقاش وعسى أن تنجح هذه السطور من أخيك المتحدث في
إقناعك بصحة ما قصدنا إليه
، فإن لم تقنعك فعسى أن نتحاور في غيره من مواضيع إن نسأ الله تعالى في الأجل وكان في العمر بقية.
وللحديث بقية عما قريب إن شاء الله. وسنمرّ على ما أثرتموه من مسائل.
¥