ـ[خليل الفائدة]ــــــــ[15 May 2010, 12:26 م]ـ
سعادة الدكتور عبدالرحمن الصالح - جمَّلكَ اللهُ بما أحبَّ -.
إعجابُكَ بالجابري - تولاَّهُ اللهُ - شيءٌ اخترتَه لنفسِكَ؛ لأمورٍ تراها، ولم أرُمْ سجالاً معك حول شخصهِ في موضوعِ نعيهِ ذاك.
فأنتَ وما ترى.
ومن حسن حظ الأمة أن قيّض الله لها مفكرا عاصر ثورة الاتصال.
نُكِبت الأمة بتاريخ 03 - 05 - 2010 بوفاة مفكّرها الكبير، وعالمها النحرير
أمَّا أن تجعلَ الجابريَّ مِنَّةً على الأمَّةِ، وإكراماً لها؛ وتقييضاً من اللهِ = فهذا ما لا أظنُّك ستجدُ عالماً باللهِ، وبأمرهِ، وبما حوته كتب هذا الرجل يوافقك عليه. فلستَ الوحيدَ الذي قرأ ما ألَّف وأتَلَف!
ثمَّ تجعلُ موتَه نكبةً للأمَّةِ؟!! حنانيك .. هبها نكبةً لكَ؛ فلا إشكالَ عندنا في ذلك ..
أما أن ننتكبَ جميعاً لموتِ هذا الرَّجل؛ فننتظرُ الاستباناتِ فيمن نُكِبَ به، ومن لم ينكبْ!
فليتَك لم تحشرنا معك في التماوتِ على هذا الرجلِ.
ولعلَّ القلمَ أصابَ إذْ أخطأ؛ فكتبَ: (مؤلقات) .. ولم يكتبْ: (مؤلَّفات)!
تحيَّتي العطرة لك.
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[15 May 2010, 01:40 م]ـ
حياك الله وبياك
قد رأيت أن مؤلفات أصبحت مؤلقات فعددتها فألا حسنا
فهي كما قال الشاعر
امنحيني يا نجوم الألقا * وهبيني يا زهور العبقا
وأما ما ذكرته من نعي المغفور له فنحن مأمورون أن ننصح الأمة بما ندين الله أنه الحق،
وإن خالفنا في ذلك فضلاء من أمثالكم
فأنا أدين الله بأن المرحوم محمد عابد الجابري هو البداية الصحيحة لمسيرة الأمة التاريخية.
وهو قال عن نفسه إنه متأخر الظهور لأن عمله كان لابد أن يكون قد ظهر منذ مئة سنة
على الأقل، لكن عليه أن يتحمل نقد البداية، وأنا أربأ بالفضلاء أن يكونوا من الصادين للأمة عن
الوعي بذاتها الذي جاء لها به فيلسوفها الراحل.
وهذا لا يعني بالضرورة أن يوافقني عليه كل الناس، وما أحب الخوض في المراء فقد سبق وأن
اعترض عليّ بعض الإخوة منذ 3 سنين ولكن من الأمور ما لا بد أن يكتشفها الإنسان بنفسه.
وكنا قد دعوناه عام 2003 أنا وأحد أصدقائي الفضلاء إلى أن يلبس العمامة ويتصدر للدعوة
ويعود إلى حظيرة الفقهاء فاعتذر برسالة طويلة قال فيها
"الأخ عبدالرحمن أشكر لك ولصديقك الاهتمام بشخصي المتواضع، ودعوتكم لي ولوج باب الدعوة،
لكني لا أجد نفسي مهيّئاً له ثم إن ساحته ليست خاليه فقد دب إليه من يصلح ومن لا يصلح،، ...
وأنا مشغول بقضايا فكرية وأكاديمية تأخذ عليّ كل وقتي. وعسى أن نلتقي قريبا إبان سنوح الفرصة.
وتفضلوا بقبول شكري وتقديري
. محمد عابد الجابري"
مما لا أنساه فيما يشبه موضوعنا هذا حوار دار بيني وبين مهندس (اصبح صديقا لي فيما بعد)
كان يعمل عملا إضافيا في مطعم! وجاء طارئ أبي العلاء المعري فقال (هذا الرجل لو مثّل
على البشرية قليلا لكان قبره الآن مزارا) ولكن صدقه جعل الناس تبسط لسانها عليه بالنكير،
فذكرني بقول المعري
يزورني القوم هذا داره يمنٌ * من الديار وهذا أرضُهُ الطبسُ
قالوا سمعنا حديثاً عنك قلتُ لهم * لا يبعد الله إلا معشرا لبسوا
ماذا تريدون لا مال تيسّر لي * فيُستماحُ ولا علم فيقتبسُ
أتسألون جهولا أن يُفيدكم * وتحلبون سفيا ضرعها يبس
ما يعجب الناس إلا قول مختدع * كأن قوما إذا ما شريوا أبسوا
قد أنفقوا في ضياع كل ما عمروا * فكان مثل جلال البدن ما لبسوا
ومثله الأستاذ الجابري في ردّه السابق عليّ وفي حياته، فقد آثر أن يظل صادقا مع نفسه، مخلصا لرسالته
، ولو مثّل قليلا على الناس أو سايرهم أو شاء مدحا لا يرتضيه لقبل على الأقل دعوتنا له، ولكنه آثر
أن لا ينزل عن مبدئه في عدّ التدين مسألة شخصية بين العبد وبين ربه لا دخل لأحد فيها، وكون رسالة
العلم هي سبيله، وأن ما قرره فيلسوف العلم كارل بوبر من أن "كل حقيقة موضوعية هي نسبية وكل
حقيقة مطلقة هي ذاتية والعكس صحيح" قول يصح في مجمله، فأدى رسالته للتاريخ.
وأنا لا أقف موقف المدافع عنه فقد أفضى إلى ما قدم، ولا أزعم أنه ولي من الصالحين، ولكنه
عظيم النفع للأمة فيما صنف وكتب وحلل بقدر ما يتعلق الأمر بإدراكي المحدود وتكويني الثقافي.
ونحن هنا قد عزمنا على أن نتناقش في مؤلفات الراحل ونحاول تحليل ما توصل إليه في قضايا
خلافية كثيرة نؤيد بعضها ونفند بعضا آخر. ولا تحسب أن علما الإسلام والعربية كانوا كلهم أتقياء
ورعين وأنا أذكرك بما قاله أبو حيان التوحيدي عن معاصريه من العلماء! على انا لا نقدح في اخلاق
فقيدنا الراحل ولا في سلوكه.
وقديما قال إبراهيم ابن سيار النظام ونسبت أيضا إلى أبي يوسف "إن العلم لا يُعطيك بعضه حتى تعطيه
كلك"رحم الله فقيد أمة الإسلام ومفكرها الفذ، وفيلسوفها المخلص محمد الجابري وأسكنه فسيح جناته
وهدى الله عباده لما اختلف فيه من الحق بإذنه
وشكرا لكم على مروركم
والله من وراء القصد
¥