تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

المقطوع من ذات القماشة؟ ولم جعل القرآن الكريم الرجال والنساء بعضهم من بعض كما جاء فى الآية 195 من سورة "آل عمران"، مثلا؟ ثم لو كان الأمر على ما توهمه أولئك المفسرون فلم دافع الإسلام عن المرأة وسفّه أحلام المشركين، الذين كانوا يبغضون ولادتها، وحث على تكريمها وأخذ بناصرها وسوى بينها وبين الرجل، بل خصها بمزيد من الاهتمام لم يحظ به الرجل؟ ثم إذا كانت المرأة ضعيفة القوة العقلية فكيف تحاسَب إذن ما دام وُسْعُها العقلى من الضعف إلى هذا المدى؟ ألم يقل سبحانه وتعالى: "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها"؟

كذلك يقول الزميل العزيز إن الزمخشرى ينزّل المرأة منزلة غير العاقل، فقد فسر سر استعمال الاسم الموصول: "ما" عِوَضًا عن "مَنْ" فى قوله عز شأنه فى الآية السادسة من سورة "المؤمنون": "إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم" بأنه لما كان المقصود هنا هو الإناث استخدم لهن الاسم الموصول لغير العاقل: "فإن قلت: هلا قيل: مَنْ مَلَكَتْ أيمانُهم؟ قلت: لأنه أريد من جنس العقلاء ما يجري مجرى غير العقلاء، وهم الإناث". ولا شك أن الزمخشرى قد أخطأ التعليل، وإلا لوجدنا القرآن ينحو هذا المنحى فى التعامل مع المفردات التى تدل على النساء، إلا أنه لم يفعل هذا قط.

كما أن عندنا قوله تعالى فى الآيات التالية: "وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا" (النساء/ 36)، "وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ" (النحل/ 71)، "ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ" (الروم/ 28)، حيث قُصِد بـ"ما ملكت أيمانكم" العبيد عموما رجالا ونساء لا النساء فقط، بما يدل على أن "ما" ليست خاصة بالنساء وحدهن. ومن ثم فلا معنى لما قاله الزمخشرى عن دلالة هذا الاستعمال على إلحاق العرب جنس النساء بغير العاقل.

أما فى الآيتين التاليتين فالمقصود بملك اليمين هم الرجال وحدهم. ومن هنا نجد "وما ملكت أيمانهن" بإضافة "ملك اليمين" هذه المرة للجنس اللطيف لأن المقصود هم العبيد الرجال الذين تملكهم النساء: "وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (النور/ 31)، "لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آَبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ وَلا إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلا نِسَائِهِنَّ وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا" (الأحزاب/ 55). وهو ما يضرب تفسير الزمخشرى لهذا الاستعمال القرآنى فى مقتل.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير