تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أما الأستاذ محمد أسد فقد قرب إلى الأذهان المفهوم المتبادل لهذه الكلمة باختياره نهجا آخر لم يسبقه أحد من المترجمين، فهو يصرف النظر عن مدلول مادة الكلمة، ويعبر عن المعنى الشامل للكلمة، ولذا يترجم كلمة التقوى بتعبيره: God – conseiousness ولا شك أنه موفق فيما ذهب إليه، ولكن هذا لا يتيسر لمن يتقيد بوضع كلمة مكان كلمة حسب وصف المعاجم والقواميس، ولنرى كلمة أخرى وهي " الخشية" يقول الراغب الأصفهاني في تعريف هذه الكلمة: " الخشية خوف يشوبه تعظيم وأكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشى منه، ولذلك خص العلماء بها في قوله: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [(فاطر: 28)].

وقال: {وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى () وَهُوَ يَخْشَى} [(عبس: 8 - 9) وقال: {مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ} [(ق: 33) وقال: {فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا} [(الكهف: 80) وفي آية أخرى: {فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي} [(البقرة: 150)].

أما الخوف فهو عند الراغب الأصفهاني: " الخوف توقع مكروه عن أمارة مظنونة أو معلومة، كما أن الرجاء والطمع توقع محبوب عن أمارة مظنونة أو معلومة "

فظهر أن الخشية والخوف ليستا مترادفتين في العربية، ولكل منهما مدلول خاص، وهذا لا يتسنى للغة الأجنبية أن تفرق بينهما، والآن فلننظر إلى محاولة المترجمين، يقول الله سبحانه وتعالى: {فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي} (سورة البقرة، الآية: 150).

ترجم هذه الآية المفسر الهندي دريابادي so fear them not fear me

وترجم كلمة الخوف في آية: {وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (البقرة: 112)

No fear shall come on them

ومعنى ذلك أن المترجم دريابادي اعتبر كلمتين الخشية والخوف مترادفتين

No shall they grieve

ويقول بكهتال، وعبد الله يوسف في ترجمتيهما:

so fear them not

{ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي} (سورة البقرة، الآية: 150).

But fear me

{ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (البقرة: 112)

There no fear

Come upon them; neither

Shall they grieve

وهكذا ذهب جورج سيل، آريري، رادويل، بيل في ترجمة الكلمتين " الخشية والخوف" إلى أنهما مترادفتين بمعنى Fear الأنجليزية.

والحاصل أن هناك كلمات متقاربة المعنى بالعربية، ولكن لكل كلمة مدلول خاص واستعمال معين لا يمكن وضع كلمة مكان أخرى، ولكن المترجمون يجدون لغاتهم عاجزة لا تستطيع التفريق بينهما، ولا شك أن الأستاذ محمد أسد ترجم كلمة الخوف ب Fear والخشية بكلمة Awe وبذلك استطاع تغطية مدلول كلمة " خشية" حسب تفسير الراغب والرازي والكشاف

فقد نجد شرح الكلمة في قاموس Funk’s standared dictionary

To impess with reverential fear

إنها تشمل معنى الاحترام والتعظيم، ولنكتفي هنا بهذه الإشارة العابرة بما يعانيه المترجمون من فقر اللغات المترجم إليها إلى الألفاظ الدالة على مفاهيم الكلمة القرآنية، ونأتي على جانب أخر يحار فيه المترجمون الذين لا يحبون ألا تفوتهم كلمة من القرآن [الكريم] إلا وقد ترجموها، ومن هذا القبيل نجد تنوع الضمائر، أو ما يسمونه في كتب النحو بانتشار الضمائر، والقرآن [الكريم] يؤكد المعنى ويضغط على معنى الحصر بإرداف الضمائر المتوالية، ومثال ذلك:

{إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى} [(يس: 12)].

{إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ} [(ق: 43)].

{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} [(الحجر: 9)].

فإذا أراد مترجم أن يكون أمينا للنص القرآني في ترجمة كل حرف جاء في القرآن [الكريم]، ويرى لزاما عليه أن يقدم معاني القرآن [الكريم] بدون أي تصرف منه، فالترجمة اللفظية تتطلب منه أن يقول مثلا:

أنا Verily we

نحن We

نحي We give life

طبعا هذا غير مستساغ عقلا أن يترجم أحد Verily we ; we we give life to dead

ولكنه لا يستطيع أن ينقل إلى ذهن القارئ تلك الروعة اللفظية والجلالة والهيبة التي تتجلى بتكرار الضمير في القرآن [الكريم]، وعلى هذا نجد المترجمين:

إما قالوا: Surely we give life

أو Verily we shall give life to dead

كما ترجم المرحوم عبد الله يوسف علي:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير