إنني عثرت على ترجمة واحدة فقط بين الترجمات وهي لمترجم غير معروف بين أوساط المترجمين، الذي تنبه إلى ضرورة تكرار الضمير حيث يفيد التأكد فقال:
Yes certainly it is We
Who raise thedead
ونظرا إلى أن القرآن [الكريم] نزل على أسلوب الخطاب، فقد يجد الدارس صعوبة في ترجمة الآيات بدون إدخال كلمات تكمل الجمل على نسق الكتابة الحديثة ومثال ذلك:
بسم الله الرحمن الرحيم
{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [(الْأَنعام:1)].
فالمترجم مضطر إلى إضافة مفعول لفعل يعدلون، فيقول مثلا:
Nevertheless they who believ not in the
Lord the equalize other gods with him
فهذه الجملة الأخيرة: other gods with him
كما أضاف الأستاذ جورج سيل في ترجمة equalize others
أو كما ترجمه الدريابادي عبد الله يوسف علي، أما محمد علي اللاهوري فقد غير نظم الآية على وجه آخر فكتب:
Yes those who disbelieve set up equals to their lord
وهذا التصرف في نظم الآية ذهب بنسق القرآن [الكريم]، فلا نستطيع أن نصف هذه الترجمة مطابقا لألفاظ القرآن [الكريم]، وهكذا نجد الأستاذ محمد أسد يفسر المفهوم للآية بكلمات لا علاقة لها بألفاظ القرآن [الكريم]، حيث ترجم الآية على النحو التالي:
And yet those who are bent on denying
The truth regards other powers as their
Sustainers equals
وهذا تفسير لا غبار عليه من ناحية الصحة، ولكنه لا يمكن أن يوصف بحال من الأحوال مطابقة لألفاظ القرآن الكريم.
أيها السادة قبل أن أنهي هذا الجزء من البحث حول الترجمة اللفظية للقرآن الكريم أرى أن ألخص نتيجة البحث على الوجه التالي:
إن الترجمة اللفظية أو الحرفية بالمثل حيث يترجم نظم القرآن [الكريم] بلغة أخرى تحاكيه حذوا بحذو، تحمل المفردات والأساليب محل المفردات والأساليب حتى تتحمل الترجمة ما تحمله نظم الأصل من المعاني المقيدة بكيفياتها البلاغية وأحكامها التشريعية، غير ممكن على الإطلاق وذلك لأسباب:
1 – القرآن [الكريممم] معجزة، وقد تناصرت الأدلة وانعقد الاجماع على أن القرآن [الكريممم] معجزة، وإنما الخلاف في سبب إعجازه، فمن قائل أنه شرف الغرض، وتنوع المقصد، والأخبار بالغيب، ومن قائل أنه الفصاحة الرائعة، والمذهب الواضح، والأسلوب الموثق.
2 – الترجمة بإمكانها نقل اللب والجوهر من المعنى ولا تتحمل لأداء ما في الأصل من البلاغة وروعة البيان وذلك في كلام البشر فأنّى يتيسر ذلك في كتاب الله المعجز.
3 - القرآن [الكريممم] نزل على أسلوب الخطاب والحوار، وهذا يعني أن هناك خلفيات للآيات لا يمكن نقلها في الترجمة بالمثل.
4 – اللغات الأجنبية فقيرة في كلمات تعبر عن مشاعر النفس والروح، في حين القرآن [الكريممم] مليء بمثل هذه التعابير.
5 – يوجد عدد كبير من الكلمات لا توجد لها مرادفات في اللغات الأخرى.
6 – غزارة المادة وصيغها وخاصة بالعربية لا يمكن ترجمتها بكلمة مماثلة.
7 – في القرآن [الكريممم] كلمات متقاربة المعنى، يوهم الأجنبي أنها مترادفة بعضها لبعض في حين أن هناك فروقا دقيقة، ولكن المترجم يضطر لفقر لغته إلى اعتبارها مترادفة.
8 – هناك محذوفات في القرآن [الكريممم] لا يصعب فهمها على العربي لسليقته، ولكنها صعبة الفهم لغير العربي، فيضطر المترجم إلى أن يضيف كلمة أو كلمات لربط الجمل، أو بشرح من عنده بدون الاعتبار إلى النظم القرآني.
- الترجمة التفسيرية للقرآن [الكريم]
عقد الأستاذ محمد حسين الذهبي رحمه الله في كتابه التفسير والمفسرون فصلا بهذا العنوان قال فيه: " الترجمة التفسيرية عبارة عن شرح الكلام وبيان معناه بلغة أخرى بدون محافظة على نظم الأصل وترتيبه، وبدون المحافظة على جميع معانية المرادة منه، وذلك بأن نفهم المعنى الذي يراد من الأصل، م نأتي له بتركيب من اللغة المترجم إليها يؤديه على وفق الغرض الذي سيق له"
ولإيضاح الفرق بين الترجمة الحرفية والترجمة التفسيرية أتى الأستاذ الذهبي بمثال من القرآن الكريم:
{وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} [(الإسراء: 29)].
¥