وقال أن الترجمة الحرفية لهذه الآية في لغة أخرى قد تكون مثالا للضحك، فإنه لا يعقل أن يربط إنسان يده إلى عنقه، ويفهم موضع النهي من الآية، ولكنه إذا كانت الترجمة تفسيرية فيشرح المترجم أن تعبير القرآن [الكريم] والقصد منه النهي عن الإسراف والتقتير، هذا هو ملخص ما قاله الذهبي في كتابه عن الترجمة التفسيرية.
والآن أرى أن استعرض الترجمات الحرفية والتفسيرية حتى يتبين لنا مدى صلاحية الترجمة التفسيرية، ثم نأتي على عرض بعض المشاكل في الترجمة التفسيرية.
من ترجموا هذه الآية ترجمة حرفية بدون تصرّف منهم الأستاذ محمد مارديوك بكهتال، فقد ترجم الآية كما يلي:
And let not thy hand be chained to thy neck nor open it with a complete opening lest thou sit down rebuked denuded
وهذه الترجمة وإن لم تكن مثارا للضحك كما زعم الأستاذ الذهبي رحمه الله، ولكنها في الواقع لا يدل على المراد وهو المنع عن التبذير والتقتير.
والمترجم المعروف للقرآن الكريم السيد عبد الله يوسف علي ترجم هذه الآية على النحو التالي:
Make not thy hand tied – like a niggard’s- tot thy neck
Nor stretch is forth to its utmost reach os that thau become blameworthy and distitute
وتجد في هذه الترجمة أن الإشارة بين مطتين – like a niggard’s- أزالت شيئا من الإبهام عن ذهن القارئ الذي لا يعرف هذه الاستعارة، غير أنه لم يتضح من ترجمته إن الآية ترمي إلى منع مخاطبيه من الإسراف والبخل.
وترجم محمد علي اللاهوري المعروف بمولانا محمد علي هذه الآية كما يلي:
And make not thy hand to shackled to thy neck ; nor stretch is forth to the utmost – limit- of its stretching forth ; lest thau sit down blamed stipped of
هذه الترجمات الثلاث كانت نموذجا للترجمة الحرفية، أما الذين ترجموا الآية ترجمة تفسيرية بدون النظر إلى كلمات القرآن [الكريم] وتعبيره الخاص، فمنهم السيد بير صلاح الدين الباكستاني فقد ترجم معنى الآية:
Be netheir miser nor spendthrift ; lest you should incur blam or become penniless
هذه الترجمة التفسيرية أبعدت القارئ عن تعبير القرآن [الكريم] من جهة، ومن جهة أخرى أعطت فكرة منقوصة عن مدلول الآية القرآنية، إذ زعم معنى المحسور penniless أي معدما، وقد لخص معنى الآية جورج سيل مقلا عن تفسير البيضاوي:
Be netheir niggardly nor profuse; but obseve the mean between the two extreemes lest thau become worthy of repertension and be reduced to poverty
ولست أدري ما حمل المترجم بير صلاح الباكستاني والمترجم المستشرق القديم
على ترجمة " محسور" بالفقر والعدم، ومادة " حسر " كما أثبت الراغب الاصفهاني تفيد معنى كشف الملبس عما عليه، والحسرة هو الغم على ما فات والندم عليه، يجوز أنهم أثروا ترجمة الكلمة بما هو سبب الحسرة.
أما الأستاذ محمد أسد فقد جمع بين أصالة روح القرآن [الكريم] وتعبيره، وبين الإفادة عن معنى الآية وذلك بضم كلمات الشرح والإيضاح إلى الترجمة الحرفية:
And netheir allow thy hand to remain shackled to thy neck nor stretch if forth to the utmost limit – of the capacity- test thau find thyself blamed – by the dependantd- or even destitute
وقد أوفى معنى الآية على الهامش مشيرا إلى أنه تعبير مجازي للقرآن [الكريم] قصد به النهي عن الإسراف والتبذير، والأمر بالاستقامة على طريق التوسط والاعتدال، وهكذا فعل المفسر الهندي الشيخ عبد الماجد دريابادي، حيث ترجم الآية حرفية مع إدخال كلمات الإيضاح في ترجمة النص، وتذييل الإيضاح.
والآن وقد قدمت طائفة من النماذج للترجمات الحرفية والتفسيرية آخذا بعين الاعتبار ما ذكره الأستاذ المرحوم الشيخ محمد حسين الذهبي في كتابه " التفسير والمفسرون" أرى أن أشير إلى جوانب الضعف في الترجمات التفسيرية:
1 – الترجمة التفسيرية أو تفسير القرآن الكريم بغير لغته يجعل القارئ لا يعبأ بالنص القرآني، ويبعده من تعابير قرآنية، وهي على حد ذاتها تحمل قيمة روحية لها نفوذ في العقل البشري، وتأثير في القلوب.
¥