تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[03 Jun 2010, 04:10 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

المحاضرة الرابعة: " ترجمة القرآن الكريم"

الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلي

مدير مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية

التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي باسطنبول تركيا

عرف المسلمون ترجمة القرآن الكريم إلى لغات المسلمين من غير العرب منذ بداية الدعوة الإسلامية، وهذا أمر طبيعي لنقل المعاني الواردة في المصدر الأول للإسلام لكي يتعلم منه المسلمون أصول دينهم ومبادئ عقيدتهم. فقد ذكرت بعض كتب الفقه وخاصة كتب الفقه الحنفي ((روي أن الفرس كتبوا إلى سلمان الفارسي رضي الله عنه أن يكتب لهم الفاتحة بالفارسية، فكانوا يقرؤون ذلك في الصلاة حتى لانت ألسنتهم للعربية)) (1)

وزادت بعض المراجع الفقهية أن سلمان الفارسي عرض ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكر عليه ذلك (2).

ومنذ ترجمة سلمان الفارسي رضي الله عنه لفاتحة الكتاب والقرآن الكريم يترجم إلى اللغات الأخرى الإسلامية وغير إسلامية.

وسوف أتناول في هذا البحث أمرين، الأول قضية الترجمة من الناحية الفقهية، مشيرا باختصار إلى آراء الفقهاء المختلفة واعرض لما استقر عليه جمهورهم، والثاني تاريخ الترجمة وخاصة في بدايتها، مع الإشارة إلى أوائل الترجمات، ثم أبين الحاجة إلى إعداد دراسة ببليوغرافية شاملة لترجمات لقرآن الكريم المخطوطة منها والمطبوعة حتى يتسنى لنا أن نقدم المادة الأولية اللازمة لكتابة تاريخ ترجمة القرآن [الكريم] على نحو دقيق لم يتم حتى الآن.

- مسألة ترجمة القرآن الكريم من الناحية الفقهية:

نظر الفقهاء إلى مسألة ترجمة القرآن [الكريم] من زاويتين، الأولى هي ترجمة القرآن [الكريم] إلى اللغات الأخرى ترجمة بمثابة التفسير والتوضيح، لنقل معانيه وإعلام غير العرب من المسلمين بما جاء فيه، وقد أجاز الفقهاء كلهم هذا النوع من الترجمة بل حبذوه لأن فيه نشرا لرسالة الإسلام، ولا داعي للاستطراد في هذه المسألة البديهية هنا.

أما الزاوية الثانية التي نظر منها الفقهاء وخاصة الأحناف، فهي مسألة قيام الترجمة مقام الأصل (3)، (4)، ففي هذه المسألة لم يجز أي من فقهاء الشافعية والمالكية والحنابلة قيام الترجمة مقام الأصل، وأنفرد الإمام أبو حنيفة برأيه في جواز الصلاة بالترجمة الفارسية رغم كراهيتها وذكر صاحباه أنه يجوز إذا كان لا يحسن العربية، وإذا كان يحسن العربية لا يجوز ذلك.

وقد حفلت كتب الفقه الحنفي بالكثير حول هذه المسألة، وأغلب الأحناف يرون أن رأي الإمام مرجوع إليه، وإن أكد البعض مثل الإمام علاء الدين الكاساني صاحب " بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع " على رأيه في الجواز، ولعل كثرة انتشار المذهب الحنفي بين غير العرب من الأتراك والهنود وغيرهم هي السبب في اهتمام فقهاء الحنفية بهذه المسألة.

وفي منتصف القرن الرابع الهجري أي ما يوافق الثلاثينات من هذا القرن الميلادي، كثر النقاش حول مسألة ترجمة القرآن الكريم وجواز قيام الترجمة مقام الأصل.

وقد انقسم الرأي في هذا الموضوع بين من أجاز وبين من لم يجز، وقد هدف الذين أجازوا قيام الترجمة مقام الأصل إلى ما يلي:

أ - تأكيد فهم القارئ غير العربي معنى ما يقرأ في الصلاة، وقالوا إن كون الصلاة عبادة حية يتوقف على هذا الفهم.

ب-الحاجة إلى إزالة الحاجز اللغوي بين المسلم غير العربي وبين القرآن [الكريم] وتقديمه له بنصوص مترجمة ليكون على بينة من دينه.

ج- عدم حبس القرآن [الكريم] في الدائرة العربية لكون الإسلام دين عالمي.

وقد أعتمد القائلون بجواز قيام الترجمة مقام الأصل على الأدلة التالية:

- قول الإمام أبي حنيفة بجواز القراءة بالفارسية مطلقا.

- قول صاحبيه بجواز القراءة بالفارسية للعاجز عن قراءة القرآن [الكريم]

- تفريق المتكلمين بين الكلام اللفظي والكلام النفسي عند قولهم بأن القرآن [الكريم] كلام الله غير مخلوق.

ومن بين الدعاة إلى جواز قيام الترجمة مقام الأصل في الصلاة الشيخ محمد مصطفى المراغي (5) شيخ الجامع الأزهر والأستاذ فريد وجدي الكاتب المصري (6)، ومن الذين عارضوا هذا الاتجاه الشيخ التفتازاني والشيخ أحمد محمد شاكر وشيخ الإسلام مصطفى صبري.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير