تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وخلاصة رأي الشيخ المراغي في هذا الموضوع هو أولا: " ترجيح رأي قاضيخان [كذا] ومن تابعه من الفقهاء وهو وجوب الصلاة بترجمة القرآن [الكريم] للعاجز عن قراءة النص العربي ... لأن الترجمة وإن كانت غير القرآن [الكريم] باتفاق، تحمل معاني كلام الله، ومعاني كلام الله ليست ككلام الناس، ومن عجيب أن تسلب من معاني القرآن [الكريم] صفاتها وجمالها وتوصف بأنها من جنس كلام الناس بمجرد أن تلبس ثوبا أخر غير الثوب العربي:ان هذا الثوب هو كل شيء".

ثانيا: " والتراجم لا يصح أن تسمى قرآنا [كريما] ولكن سلب هذه التسمية لا يستلزم سلب جواز استخراج الأحكام منها، لأن الأحكام تستفاد من المعاني التي هي مدلولات الألفاظ العربية، والمعاني يصح نقلها إلى اللغات"

كما يمكن تلخيص رأي فريد وجدي بعبارته هذه: " أن القرآن [الكريم] معجز بحكمه وأصوله ومذاهبه لا بألفاظه ومبانيه، وهو لم يتحدى أحدا ببلاغته، وإنما تحدى الإنس والجن أن يأتوا بمثله في حكمته وشرعه" (7)

ودعا فريد وجدي إلى الترجمة الحرفية حيث قال: " إن تعطيل القرآن [الكريم] عن الترجمة الحرفية والزج به في معترك الإفهام إلى اليوم قضى عليه بأن لا يكسب أنصارا من الأمم الغربية، فصار مقصورا على الأمم الشرقية التي رضيت أن يكون حظها من دينها كحظ الببغاء" (8)

وفي الرد على أصحاب هذا الاتجاه فند شيخ الإسلام مصطفى صبري حججهم المستندة على رأي أبي حنيفة، وبين مستدلا بأمهات كتب الحنفية رجوع الإمام عن رأيه، وأكد أن تعريف القرآن [الكريم] عند الأصوليين وهو النظم العربي المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم المنقول عنه تواترا بين دفتي المصحف لا ينطبق على الترجمة، ويبين أنه لا يمكن استنباط الأحكام من التراجم والاجتهاد فيها كاستنباط الأحكام من القرآن [الكريم] والاجتهاد فيه.

وهو يقول: " إني لا أرى خيرا قط في هذه الفكرة، فكرة تحويل وجوه المسلمين غير العرب إلى التراجم وترجيحها لهم، فلو كان السلف الصالح من علماء الإسلام في هذه العقلية وزينت لهم هذه الفكرة لما بقي القرآن الكريم في أيدي الشعوب المسلمة غير العرب، بل احتمل أن يترجمه العرب ترجمة عربية أقرب إلى إفهام عامتهم، فيفقد القرآن [الكريم] تواتره العام، وينقلب كتابا يرجع إليه الخواص عند اللزوم أو يحفظ في دور الآثار، ولكن الله سلم أئمة الدين من هذه العقلية، وألهمهم الاهتمام بنظم القرآن [الكريم]، ذلك الاهتمام الذي جعلهم يعرفون القرآن [الكريم] بالنظم العربي المنزل المنقول فيما بين دفتي المصاحف تواترا، وألهم البت بأن غير المتواتر ليس بقرآن [كريم] حتى يكفر من أنكر ما هو من القرآن [الكريم]، ويكفر من ألحق بالقرآن [الكريم] ما ليس منه، فحرسوا القرآن [الكريم] بسياجين فولاذيين من النفي والإثبات أن يداني ساحته الشك والريب، أن يأتيه الباطل من بين يديه أو من خلفه، وكان هذا الاهتمام بحفظ القرآن [الكريم] مطلوبا عند الشارع حتى جعله وحيا متلوا، فأوجب قراءته في الصلوات الخمس، ووعد الثواب لتلاوته والنظر إلى صحائف مصحفه من غير اشتراط فهم المعنى للتالي والناظر، فبفضل تحديد النظم للقرآن [الكريم] تقررت وحدته وقضي على الاختلاف فيه وتخلص النص المنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم عن مزاحمة النصوص الملحقة به، ووحدة كتاب الإسلام نعمة عظيمة على المسلمين لا تعد لها فائدة فهم العامة الناقص معنى القرآن [الكريم] عند تلاوة التراجم" (9)

ثم يوجز دراسته المستفيضة بقوله: " وتلخيص الكلام أن في القرآن [الكريم] نظرين: نظر الفقهاء، ونظر المتكلمين، فعلى نظر الفقهاء وتعريفهم فإن القرآن [الكريم] عبارة عن النظم والمعني، وهما جزءان للقرآن [الكريم] لا فرق بينهما في جواز إخلاء القرآن [الكريم] من احدهما بل أكثر ما يدور تعريفه على أوصاف النظم، ولا يفهم من هذا عدم اهتمامهم بالمعنى بل أنهم رأوا أسلم طريق محافظة المعنى في محافظة النظم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير