تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عندما ننظر إلى بداية ترجمة القرآن الكريم إلى اللغات الأوروبية يسترعي انتباهنا تأخر الترجمة، فبالرغم من وجود إشارات إلى ترجمات مبكرة إلى لغات شرقية غير إسلامية مثل السريانية والهندية، فان المعلومات المتوفرة حاليا لدينا تشير إلى أن أول ترجمة باللغة اللاتينية للقرآن الكريم قد تمت في عام 1143م قامت بها لجنة علمية برئاسة Peter Venerable (1092 – 1156 م). ولم يتيسر طبع هذه الترجمة إلا في عام 1543م بناء على توصية مارتن لوثر (31).

هذه البداية المتأخرة تدعونا إلى التأمل، لا سيما إذا أخذنا في الاعتبار أن بداية الاحتكاك بين المسلمين والأوروبيين في الأندلس غربا، وفي بلاد الروم شرقا قد بدأ ت في فترة مبكرة، لذا فإننا نرى الحاجة إلى مرجعة معلوماتنا عن أوائل الترجمة إلى اللغات الأوروبية، وتأكيد أهيمة النظر في المخطوطات القديمة حتى يمكننا التأكد من هذه المعلومات.

وبعد الترجمة التي قامت بها لجنة Peter Venerable ظهرت عدة ترجمات للقرآن الكريم بعضها كامل وبعضها يقتصر على عدة آيات أو سور.

وتخبرنا الموسوعة اليهودية أن إبراهام الطليطلي قام بأم من الفونس العاشر (1252 – 1284م) بترجمة سبعين سورة إلى الاسبانية، وأن هذه الترجمة الاسبانية كانت نواة للترجمة الفرنسية التي قام بها Bonneaventure إلى اللغة الفرنسية (32).

وقد بدأت بعد ذلك الترجمة من النص العربي على يد André du Ryer الفرنسي الذي عاش فترة في استانبول ومصر، ثم نشر ترجمته المعروفة باسم " قرآن محمد" Al coran de Mohamet سنة 1647م في باريس، وقد نشرت هذه لترجمة عدة مرات واتخذت أساسا لكثير من الترجمات الأوروبية.

وحسب الدراسة الأولية للفهارس المختلفة يتضح لنا أن أول ترجمة انجليزية للقرآن الكريم قام بها Alexander rose عن الترجمة الفرنسية ل du ryer وطبعت أول مرة عام 1649م في لندن، ثم قام George Sale بترجمة القرآن الكريم عن العربية مباشرة ونشرت سنة 1734م في لندن، وقد طبعت هذه الترجمة مرات عديدة في انجلترا وأمريكا، وصارت من بعد أساسا أتخذ في الكثير من الترجمات الأخرى.

وفي ختام هذا البحث أحب أن أؤكد الضرورة إلى إعداد دراسة ببليوغرافية شاملة لترجمات القرآن الكريم، حيث أن الدراسات الرائدة التي تمت في هذا المجال - رغم كل ما تستحق من تقدير- فإنها ما تزال تحتاج إلى الكثير من المراجعة والإضافات، ويمكننا أن نشير هنا إلى أن مسحا أوليا لفهرس واحد من فهارس بعض المكتبات الكبرى مثل مكتبة الكونغرس الأمريكية (حتى عام 1956م) قد أظهر أن القائمة التي نشرها الدكتور حميد الله في طبعتها الأخيرة (1980م) لم تذكر ترجمتين اسبانيتين وترجمتين فرنسيتين وترجمتين باللغة التشيكية وترجمة انجليزية.

كما أن مراجعة فهارس المكتبة البريطانية والمكتبة الوطنية الفرنسية أظهرت أن تلك القائمة لم تشمل بعض الطبعات التالية لبعض الترجمات.

لذلك يجب مراجعة كافة المصادر الببليوغرافية المتاحة وفهارس المكتبات.

كما أن الدراسة الأولية تدلنا على أن هناك الكثير من الترجمات المخطوطة التي لم يتطرق إليها أحد بالتعريف والدراسة، بالإضافة إلى ذلك فهناك الكثير من المعلومات فيما يخص ترجمات القرآن الكريم في مختلف المصادر تحتاج إلى تمحيص ونظر.

لذا فإن مركز استانبول لأبحاث التاريخ والفنون والثقافة الإسلامية باعتباره مؤسسة علمية تابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي يتوجه إلى العلماء العاملين في هذا المجال لكي يتعاونوا معه على إعداد مثل هذه الدراسة الببليوغرافية الشاملة حتى يمكن لنا توضيح جنب هام من جوانب الثقافة الإسلامية.

وأخيرا أحب أن اشكر في نهاية بحثي الصديق الدكتور حسن المعايرجي لى المعلومات القيمة التي تفضل بها، والشيخ أمين سراج لتفضله بإعطائي نسخة من كتاب الشيخ مصطفى صبري وزميلي بالمركز الدكتور هدايت نوح أوغلي لمده يد العون أثناء إعداد هذا البحث.


المراجع والتعليقات:
(1) – شمس الدين السرخسي: المبسوط، القاهرة، مطبعة السعادة 1324 هـ، جَ1 ص 37.
(2) – تاج الشريف الحنفي: النهاية حاشية الهداية، دهلي 1915 م ج1 ص 86.
(3) – أنظر النقول والاقتباسات المختلفة الواردة في:
- تاريخ القرآن [الكريم] للأستاذ عثمان كسكى أوغلى بالتركية طبعة 1953، ص 269.
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير