ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[05 Jun 2010, 06:22 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
المحاضرة الخامسة:
القرآن الكريم رسالة الله إلى الإنسان
" في المبدإ، والمعاد، والمعاش" (1)
الدكتور معروف الدواليبي
الأستاذ بجامعة الرياض – المملكة العربية السعودية
1 – أن خير طريقة لوصل طلاب المعرفة بالقرآن الكريم هو أن نجرد لهم القرآن [الكريم] أولا من جزئياته وتفصيلاته، وأن نردهم إلى كلياته العامة، ومقاصده المحدودة في ثلاث، وهي تلك التي حملتها رسالة القرآن [الكريم] منذ أيامها الأولى ثم ما لبثت هذه الرسالة أن أخذت بالتأكيد عليها في صور مختلفة، بالإيجاز تارة وبالتفصيل تارة أخرى، وذلك حسب ظروف المخاطب، ومقتضيات الأحوال وأساليب التربية العلمية الناجحة، وفي خلال ثلاث وعشرين سنة.
2 – أما هذه الكليات والمقاصد فهي:
أولا: العقيدة في "مبدإ" هذا الكون وأنه هو "الله".
ثانيا: العقيدة في "معاد" هذا الكون أيضا، وأنه إلى " الله".
ثالثا: الالتزام بشريعة " معاش" الإنسان في حياته العرضية القصيرة على هذه الأرض، وذلك من أجل سعادته في " معاشه ومعاده"
وإلى هذه الكليات والمقاصد الثلاثة يشير الله سبحانه في قوله في القرآن الكريم: {إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ} (يونس: 4).
3 - هذا وقد انطلق القرآن الكريم في كل ذلك من منطلقات حية واقعية لا تصنّع فيها، وهي تحيط بكل إنسان من وجوده بعد العدم إلى عدمه من جديد، وتدعوه إلى التفكير الجدي في مصيره، وقد بصره القرآن [الكريم] في كل ذلك وألح عليه في صور مختلفة بوجوب استخدام عقله وتفكيره، وبحثه العلمي من اجل سعادته في الدارين.
4 – إنه لمن المفيد أن نتناول موضوعنا ضمن الفقرات الموجزة التالية:
أولا: مقدمة في التعريف الموجز بشخص محمد صلى الله عليه وسلم، تعريفا يلقي الضوء عليه، وعلى جملة الرسالة التي جاء يدعو إليها البشرية كلها.
ثانيا: معلومات عامة وموجزة أيضا عن القرآن الكريم ومقاصد الرسالة القرآنية الثلاثة.
ثالثا: مكان التربية القرآنية العلمية في تحقيق مقاصد القرآن [الكريم] الثلاثة.
مقدمة في التعريف بمحمد صلى الله عليه وسلم:
5 – أما محمد صلى الله عليه وسلم فهو:
- ابن مكة واليتيم في أبويه منذ طفولته الأولى.
- ولقد نشأ وترعرع في كفالة عمه أبي طالب الحليف للفقر.
- ونشأ أميا كما جاء في القرآن [الكريم] نفسه، وهو يتلى على الجميع في حياته، ويعرفه كل إنسان حينذاك من مؤمن به وكافر.
- ولم يبلغ الخامسة والعشرين من عمره حتى أطلق عليه أبناء قومه لقب " الأمين" كأبرز صفة من صفاته التي جعلته محببا إلى الناس ومحمودا لديهم في سلوكه.
- وأن أمانته هذه، وصدق حديثه، وحرمة بني قومه له قد جعلت منه مستودعا لأمانات الناس من مسلمين وغير مسلمين، وكذلك جعلت منه قبل الإسلام الحكم الذي أرتاح له سادات قريش لحل أعظم مشكلة كادت تعصف بهم يوم تجديد بناء الكعبة.
- وأن عقله وتفكيره النيرين قد حملاه منذ أيام شبابه الأولى على الابتعاد عن عبادة آلهة قومه من الأصنام التي لا تضر ولا تنفع، وعلى الاعتزال من وقت لآخر في بعض كهوف الجبال تصفية للنفس، وبحثا عن الحقيقة، حتى جاءه الوحي بتكليفه بالبدء بدعوة بني قومه إلى ترك عبادة الأصنام، وإلى عبادة الله خالق السموات والأرض ومن عليها، مع أمر الله بالتزام أوامره في العدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وفي النهي عن كل ما هو قبيح فاحش، وما هو مستنكر، وما فيه عدوان وظلم.
6 - ولقد دعاه سادات قومه المشركين إلى ترك شتم أصنامهم، وإلى ترك دعونه لعبادة الله وحده، على أن يعلنوه ملكا عليهم لما عرفوا فيه من نجابة وخلق نبيل، فأجابهم: " (والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك فيه).
¥