تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

7 - وحينما هدده أعداء دعوته بالقتل، تحداهم القرآن الكريم علنا وقال: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ ... وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ - ((أي يحميك)) - مِنَ النَّاسِ} (المائدة:70)، وقال القرآن الكريم أيضا: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (التوبة:32).

وكذلك كان، وقد أتم محمد صلى الله عليه وسلم دعوته بكل اطمئنان إلى وعد الله بحمايته، وبانتصار دعوته على الرغم منا قد مر به من حالات ضعف واضطهاد وتهديد ما كانت تبشر بانتصار.

8 - هذا وقد ميز القرآن الكريم ما بين شخصيتين لمحمد [صلى الله عليه وسلم]: فهو في الأصل رسول الله إلى الناس فيما يبلغهم عن الله من ناحية، ثم هو من ناحية ثانية وتبعا للأولى ولي أمرهم للنظر في شؤونهم مدة حياته معهم، على أن يبايعوه البيعتين: بيعة على الإسلام، وبيعة على الطاعة له.

9 – أما شخصية محمد [صلى الله عليه وسلم] الأولى فلا تخضع أعمالها إلى أية مشورة مع الناس وذلك مصداقا لما جاء في القرآن [الكريم]: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} (المائدة:67).

10 - وأما شخصية محمد [صلى الله عليه وسلم] الثانية التابعة باعتباره ولي أمر المؤمنين عملا بما جاء في القرآن [الكريم] من قوله: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} (الأحزاب: 6)، فقد أمره الله بمشاورتهم كما جاء في القرآن الكريم أيضا: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} (آل عمران: 159)، وذلك لتكون سيرته معهم أسوة حسنة لمن بعده ممن يتولى أمرا من أمورهم بموجب الشورى بينهم أيضا، عملا بما جاء في القرآن الكريم: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (الشورى: 38) حيث اعتبرت الولاية بعده من شؤونهم، ولذا تركت في ذاتها وإشكالها لاختيارهم، وتبعا لظروفهم المتطورة، ووفقا لمصالحهم الزمنية المتغيرة، حتى لا يكون هناك كل ثابت فيما لا يمكن تجميده على شكل منذ ذلك الزمن، كما هي سياسة التشريع القرآني في كل ما قد سكت عنه، على أن لا يخرج عن روح الشريعة العامة في تلمس الخير والمصلحة للأمة، وعلى أساس المفهوم الشرعي القائل: " أينما كانت المصلحة فثم حكم الله وإن لم ينزل به الوحي، ولا قال به الرسول [صلى الله عليه وسلم] ".

11 – وأخيرا فإن محمدا [صلى الله عليه وسلم] قد مات بعد أن أمر أهل بيته ساعة وفاته بأن يتصدقوا بجميع ما بيته مما كان من الدراهم القليلة، وحرم عليهم أن يرثوا عنه شيئا مما قد تركه، وقال في ذلك: " نحن معاشر الأنبياء لا نورث".

12 – وهكذا نشأ محمد [صلى الله عليه وسلم] فقيرا، ومات فقيرا، وبشر بانهيار دولتي فارس والروم بعده أمام دعوة الإسلام، وكذلك كان، وترك ذريته وأهل بيته لا يرثون عنه شيئا من متاع الدنيا، على الرغم من سيادته الشاملة التي وضع فيها المسلمون جميع أموالهم وأرواحهم تحت تصرفه، ولم يعط أحدا من ذريته وأهله مهما قرب منه أي امتياز للخلافة عنه، أو الإمارة على الناس.

13 - وأخيرا ختم رسالته مودعا وهو لا يفكر بغير سلام الإنسان، والعمل لخيره على اختلاف الأعراق والأجناس والأديان [؟]، وقال في ذلك كله: " لا تَرجِعوا بعدي كفَّارًا يَضرب بعضكم رقابَ بعض" كما قال: " الخلق كلهم عيال الله، فأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله" [ضعيف جدا كما في ضعيف الجامع (حديث رقم 2946)].

معلومات عامة عن القرآن الكريم ومقاصد الرسالة القرآنية

14 - أما القرآن الكريم فهو:

خاتم الرسالات السماوية السابقة، وقد قامت رسالته على اعتبار أن الإنسان منذ خلق على الأرض قد مر في تجارب كثيرة، وأن هذه التجارب قد أكسبته معرفة وخبرة كافية، وأنه لذلك لم يعد الإنسان عملا بشريعة القرآن [الكريم] في حاجة إلى قيادته عن طريق المعجزات وخوارق العادات، بل قد آن الأوان لتحريره وعدم قيادته إلا عن طريق خطاب العقل والتشجيع للعلم، والتعمق في الفكر والملاحظة ... وقد كان في ذلك أول تكريم لهذا الإنسان في رسالة القرآن [الكريم].

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير