تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

19 - وتتميما للتعريف بمقاصد الرسالة القرآنية حول " المبدإ والمعاد" فقد أوجبت هذه الرسالة على الإنسان النظر العلمي العميق فيما في السماء والأرض وما بينهما، وخاصة في التكوين العجيب الدقيق في خلق الإنسان نفسه، وفتحت بذلك لكل إنسان آفاق السموات والأرض للبحث العلمي من غير تخوف من نتائج الكشف العلمي، ومن غير حجر عليه فيها، بل قد فرضت رسالة القرآن [الكريم] ذلك فرضا على الإنسان، وقالت: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} (يونس: 101)، وقالت أيضا: {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ () وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} (الذاريات: 20 - 21)، وفي ذلك شجب صريح لمن يتوقف عن البحث العلمي الذي أوجبه القرآن [الكريم].

20 - وهكذا فقد كلفت رسالة القرآن [الكريم] الإنسان باكتشاف قوانين الكون وأسرار الخليقة العلمية المحكمة والدالة على قدرة صانعه وحكمته فيها، وقالت في إرشاد الإنسان إلى ذلك كله: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} (آل عمران: 190)، كما قالت أيضا: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} (الرحمن: 5)، وكما قالت أيضا في الأرض: {وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ} (الحجر: 19)، داعية بصراحة إلى استكشاف أسرار الطبيعة من نبات وجماد وإنسان، ومؤنبة كل من يقف عن هذا البحث العلمي، وكان هذا هو سر التقدم العلمي العجيب في عصور الإسلام الذهبية.

21 - وتشير رسالة القرآن [الكريم] فوق ذلك فيما يتعلق بمعاش الإنسان على الأرض إلى ما القي على عاتقه مدة حياته من وجوب عبادة الله فيها، ووجوب عمارته لها، وفي ذلك يقول القرآن [الكريم]: {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} (هود: 61) ((اسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا: أي طلب منكم عمارتها)).

وقد زاد الرسول [صلى الله عليه وسلم] في بيان ذلك فقال: " إن قامت الساعة وفى يد أحدكم فسيلة – أي شجيرة صغيرة- فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها" وفي ذلك تأكيد على الواجب الملقى على الإنسان في الاستمرار في عمارة الأرض، وشجب للتقاعس عن العمل وزيادة الإنتاج لمصلحة الأجيال حتى ولو لم يكن للجيل العامل فيه حظ منه.

22 – وقبل ختام هذا المبحث حول مقاصد القرآن [الكريم] الثلاثة في " المبدإ والمعاد والمعاش" وتبسيطا لرسالة القرآن [الكريم] لدى طلاب المعرفة للقرآن [الكريم] نوصي الراغبين في ذلك:

أولا: إذا أرادوا التعرف على حقائق الرسالة القرآنية حول " المبدإ والمعاد " فليرجعوا إلى استعراض أية سورة في ذلك من "السور المكية" المشار إليها في عنوانها والبالغة (86) سورة من أصل (114) من سور القرآن الكريم، حيث يجدون الموضوع في كل ذلك واحدا، ولكنه مختلف في العرض وفي الصورة وفي الأسلوب من سورة إلى أخرى، بشكل جذاب وتحت شعار الدعوة إلى استعمال العقل والفكر والعلم بأحدث ما يستطيع الإنسان ابتكاره من وسائل البحث العلمي والتكنولوجيا الحديثة.

ثانيا: وإذا أرادوا التعرف على قواعد السلوك الإنساني، ومبادئ " الشريعة " العامة في سياسة الفرد والمجتمع، والممزوجة في آن واحد مع حقائق المبدإ والمعاد المهذبة للنفوس، فليرجعوا إلى استعراض أية سورة في ذلك من "السور المدنية" البالغة فقط (28) سورة، والخاضعة أيضا إلى استعمال العقل والفكر والعلم من أجل الكشف عن أسرار الحكمة فيها.

مكان التربية القرآنية العلمية في تحقيق مقاصد القرآن [الكريم] الثلاثة:

23 - إننا هنا لا بد من التأكد على مكان التربية القرآنية العلمية العقلية على " العقيدة الإسلامية" وذلك بصورة خاصة حول:

- "مبدإ" هذا الكون، وأنه هو "الله".

- و"معاده " وأنه إلى " الله"، وأن الناس مبعوثون ليوم عظيم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير