تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

" لَيْسَ مِنْ وَالِي أُمَّةٍ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ لَا يَعْدِلُ فِيهَا إِلَّا كَبَّهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى وَجْهِهِ فِي النَّارِ" [الإمام أحمد في مسنده ج 5/ ص 25 حديث رقم: 20290، عبد الرزاق في مصنفه ج 6/ ص 420 حديث رقم: 32555].

" إن الله لا يقدس أُمَّةٍ لاَ يَأْخُذُ الضَّعِيفُ حَقَّهُ مِنَ الْقَوِيِّ وهو غَيْرَ مُتَعْتَع"

[أخرجه الطبرانى فى مسند الشاميين (1/ 190، رقم 332)، وأبو نعيم فى الحلية (6/ 128)، قال الشيخ الألباني: (صحيح) انظر حديث رقم: 1857 في صحيح الجامع]

وهكذا إذا تقصينا الموضوعات والمعاني التي وردت في القرآن الكريم وفي الحديث معا، نجد بينهما في الأسلوب العربي هذا البون الكبير الذي يجزم معه كل ذي بصر وإنصاف أن شخصا لا يمكن أن يصدر عنه هذان الأسلوبان معا، ولكل منهما طابعه الخاص البعيد كل البعد عن الآخر، وكل منهما في ذاته وفي جميع أمثلته ونصوصه متشابه لا يختلف، بل يجري على غرار واحد، فيحافظ على طريقته المتميزة، وعلى اختلافه عن غيره ذلك الاختلاف الكبير.

وانه ليتجلى من هذه الأمثلة المقارنة ومن نظائرها ما اشرنا إليه آنفا من أن أسلوب الحديث النبوي هو أسلوب التخاطب العادي المألوف بين العرب في بيانهم وأحاديثهم ومحاوراتهم وحكمهم وأحكامهم ووصاياهم ونصائحهم، لا يخرج عن هذا السنن المألوف بينهم، وإنما يمتاز بأنه من جوامع الكلم ومن حكيم البيان وفصيح اللغة، وبخلوه من الحشو والصور الخطابية العاطفية التي تعتمد على العاطفة وحدها دون العقل، وبتعبير أخر إنه يتجلى في أسلوب الحديث النبوي العقل الناطق بابلغ واوجز تعبير معتاد.

أما أسلوب القرآن [الكريم] فيتجلى فيه الابتكار الذي لم يعهد له مثيل، ولا يشبهه شيء من كلام العرب في طرائق بيانه ومناهج خطابه.

إختلاف الشخصية التي ينم عنها الأسلوبان:

هذا وإن كان كل أسلوب بياني يشّف عن ذاتية وشخصية في المتكلم، فمن وراء ذلك التفاوت العظيم في أسلوبي القرآن الكريم والحديث النبوي من الوجهة البيانية يستشف القارئ والسامع تفاوتا أعظم منه في هذه الذاتية التي ينبئ عنها الكلام.

فعندما تسمع القرآن [الكريم] تتجلى لك من خلال آياته ذاتية تتكلم من جوّ علوّ وقوة وسطوة، وقدرة وحكمة ورحمة، وهذه الذاتية القوية العظمى التي تتجلى من وراء أسلوب القرآن [الكريم] لا تضعف حتى في المواطن التي تعبر فيها عن الرحمة، وأن قوتها واحدة في جميع سوره وآياته، فهي دائما ذاتية جبارة قادرة منتقمة عادلة حكيمة رحيمة، آخذة بزمامين من الترغيب والترهيب، ذات سلطان مطلق.

فأنظر وتصورها مثلا من خلال نحو الآيات التالية:

{اللَّه وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} (البقرة: 257)

{وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} (الإسراء: 16).

{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} (الإسراء: 23).

{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر:9).

{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} (البقرة:255).

{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (الأنبياء: 107).

{أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا () وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا} (فاطر: 44 - 45).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير