ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[08 Jun 2010, 12:29 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
المحاضرة السادسة
مقاصد القرآن [الكريم]
الأستاذ: محمد الصادق الصديق
عضو المجلس الإسلامي الأعلى- الجزائر
{سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك العليم الحكيم}
والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير من نطق بالصواب، وأفضل من أوتي الحكمة وفصل الخطاب، وعلى آله الأطهار وصحابته الأخيار.
سادتي العلماء:
أبنائي الطلبة وبناتي الطالبات:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أعتذر لدى حضراتكم – كما اعتذر قبلي المحاضران الكريمان اللذان سبقاني- عما قد يبدو في محاضرتي من سطحية أو إرتجال فإني لم أعلم أنني من الذين سيساهمون في هذا الشرف إلا منذ يومين فمعذرة.
القرآن [الكريم] وما أدراك ما القرآن [الكريم]، كتاب المسلمين الأكبر، ودستور البشرية الأعظم، ووحي السماء الذي نزل به الروح الأمين على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فكان أعظم معجزة لأعظم نبي.
وأقل ما يوصف به هذا الكتاب أنه المعلم النصوح، والنربي المخلص والمعيار الصحيح والحجة القاطعة، والرهان الساطع والنبراس الهادي، يثبت العقول المضطربة، ويداوي القلوب المريضة، ويروي النفوس المتعطشة ويندي الجوانح الصادية، ويهدي الإنسانية الضالة، ويحي الضمائر، ويجلو صدأ الأرواح، ويحقق للمهتدين به والساري على ضوئه سعادة الدنيا وسعادة الآخرة.
وصفه من أنزله فقال: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} (هود: 1). وقال: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (ابراهيم: 52) وقال: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ () يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (المائدة: 15 - 16)
وقال: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} (آل عمران: 138) وقال: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (ص: 29) وقال: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} (الاسراء: 9) وقال: {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ () وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ} (الطارق 13 - 14).
ووصفه من نزل عليه فقال: " ... كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ نَبَأُ مَا كَانَ قَبْلَكُمْ وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ وَهُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ وَمَنْ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ وَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ هُوَ الَّذِي لَا تَزِيغُ بِهِ الْأَهْوَاءُ وَلَا تَلْتَبِسُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ وَلَا يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ وَلَا يَخْلَقُ عَلَى كَثْرَةِ الرَّدِّ وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ هُوَ الَّذِي لَمْ تَنْتَهِ الْجِنُّ إِذْ سَمِعَتْهُ حَتَّى قَالُوا
{إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إلى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ}
مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هَدَى إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" [أخرجه الترمذي في سننه، وقال: لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وإسناده مجهول وفي الحارث مقال].
وواضح إذن من هذين الوصفين السماويين أن القرآن الكريم حافل بالزمن كله، ماضيه وما حوى، ومستقبله بما سيحدث فيه مما يخطر على بال.
وما لا يخطر، وحاضره بما يزخر به ويجيش من مشاكل مختلفة، وقضايا متنوعة، يقف القرآن الكريم منها جميعا، موقف الطبيب النصوح، والحكم العدل والقائد الأمين، والموجه الرشيد فيعالج المرض، ويحل المشكل، ويضع الحدود، ويرفع معالم الهدى، ويثير دوافع الرحمة، ونوازع الوئام والأخوة والتضامن.
¥