ولم يقف إعجازه شامخا متفردا أمام الكتب السماوية الأخرى، التي أصابها من التحريف ما أصابها فحسب، ولكنه بقي معجزا أمام (العقل العلمي المعاصر) مع جولات كل هذا العقل، ونواحي بروزه ... وأمام النقد الأدبي (والأدب المقارن) بالرغم من المدارس النقدية التي ظهرت!!
ولو أرتفع المسلمون عقليا وعلميا إلى المستوى الذي رسمه لهم كتاب دينهم المعجز لكان من أمر حاضرهم غير ما ترى، ولكان مستقبلهم أعز وأكرم.
{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (الإسراء: 9).
ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[14 Jun 2010, 01:13 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المحاضرة التاسعة
[ملحوظة: قمت بحذف بعض الجمل المتعلقة بذكر أسماء الموظفين الشيوعيين والمؤسسات الرسمية السوفيتية، والتصرف في بعض العبارات]
" مصحف عثمان [رضي الله عنه] المحفوظ في طشقند"
فضيلة الشيخ عبد الغني عبد الله
رئيس الإدارة الدينية لمسلمي آسيا الوسطى وقازاغستان
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والصلاة والسلام على نبي الهدى محمد وعلى آله وأصحابه.
من المعروف أن عدد النسخ لمصحف عثمان الشريف التي جرت كتابتها تحت إشراف الخليفة الراشد الثاني كان خمس نسخ أو ست، ومن وقد وجه إحدى هذه النسخ إلى الكوفة، والثانية إلى بلاد الشام (سوريا) وواحدة إلى مكة المكرمة، وأخرى إلى المدينة المنورة، واحتفظ لنفسه بواحدة، ومن المعروف أن مصحفه قد تلطخ بدمه رضي الله عنه وبالضبط الآية رقم 137 من سورة البقرة في عام 656 م.
وفي الوقت الحاضر يحتفظ متحف التاريخ في عاصمة جمهورية أوزبكستان – طشقند – بمصحف قديم كبير الحجم مكتوب على الجلد (رق الغزال)، وكان هذا المصحف موجودا منذ القديم في سمرقند ومحفوظا في صومعة مخصصة له في مدرسة " ديوان بيغى" بالقرب من مسجد خوجة أحرار، الذي كان واحدا من كبار الشخصيات الصوفية في القرن التاسع الهجري ومتابعا لطريقة بهاء الدين النقشبندي، وتفيد الروايات بأنه كان يجري عرض هذا المصحف في المواسم وبمناسبة الأحداث المشهودة، حيث كان الناس يشاهدونه معتبرين أنه هو ذلك المصحف بالذات الذي اغتيل أثناء قراءته له الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكان هذا المصحف موجودا لدى أخلاف "خوجة أحرار" المذكور إلى عام 1869م،
إلى حين أن أهتم به الموظفون المحليون لروسيا القيصرية.
وفي أواسط سنة 1869م، أجرى والي (حاكم) " زرافشان ابراموف" مباحثات خاصة مع خدمة مسجد خوجة أحرار اشترى على إثرها من شيوخ المسجد المصحف المشار إليه، ومن ثم أرسله إلى طشقند، ومن هناك وفي 27 تشرين الأول (أكتوبر) من عام 1869م تم إرسال المصحف إلى سانت بتربورغ.
وفي بتربورغ حوفظ على مصحف الخليفة عثمان [رضي الله عنه] بعناية واهتمام في قسم المخطوطات القديمة لدى المكتبة الإمبراطورية.
وفي ذلك الوقت راح العلماء المستشرقون الكبار يدرسون القرآن الكريم هذا ويشرحونه شرحا علميا.
وفي عام 1905 م تم بمساعدة بعض المستشرقين أخذ نسخة (طبق الأصل) من مصحف عثمان، ومن بعد جرى إكثار هذه النسخة بحيث وصل عددها إلى 50 نسخة، اشترت كثرة منها كبريات مكتبات العالم، ولكن بقي عدد من نسخة (طبق الأصل) هذه داخل البلاد، منها نسختان محفوظتان الآن في المكتبة الدينية التابعة للإدارة الدينية لمسلمي آسيا الوسطى وقازاغستان.
ومع أنه تم دفع مبلغ جيد للشيوخ مقابل شراء مصحف القرآن الكريم منهم، وبالرغم من أن علماء الدين قد وقعوا على وثيقة البروتوكول التي تثبت أنه تم تسليم مصحف القرآن الكريم طوعا وليس إجبارا، فإن المسلمين قد أسفوا أسفا شديدا على ما حدث ولم يفقدوا الأمل من أن مصحف الخليفة عثمان [رضي الله عنه] سيصبح عاجلا كان أم آجلا في حوزة المسلمين أنفسهم، وفي متناول الشعب من جديد.
¥