تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الربا، الغش، التدليس، الاحتكار، الكذب، السرقة، القمار تكاد تكون معاصي المال في مجملها تنطلق من مبدأ واحد أن نسمح لإنسان قوي أو ذكي أن يأكل ثمرة إنسان آخر، ولمجرد أن نسمح لإنسان قوي أو ذكي، قوي لما معه من قوة وذكي باحتياله، المال يأخذ غصباً أو احتيالاً، القوي يأخذه غصباً، والذكي المنحرف يأخذه احتيالاً، حينما نسمح أن يقطف إنسان لم يعمل ثمرة إنسان عمل تضعف حركة الحياة، ويعم الفقر في المجتمع، فلذلك حينما نهى الله عز وجل المؤمنين عن أن يأكلوا أموال بعضهم، أي ضمن لهم نتائج عملهم، ضمن لهم أن يقطفوا ثمار عملهم، والإنسان كما أقول حينما يسعى لمصلحته الشخصية فقط وفق منهج الله يعم الخير على المجتمع كله.

إنسان معه في الصندوق مبلغ كبير، مثل واضح، لو أراد أن يبني بناءً، وبحسب نظام الإيجار ينتفع من أجرته، هذا المبلغ مخزن في الصندوق، لو خرج من الصندوق لينقلب إلى بناء ماذا سوف يفعل صاحب هذا المال؟ سوف يشتري أرضاً، وسوف يأتي بعمال، وسوف يستصدر التراخيص، وسوف وسوف، وسوف يقلب هذا المبلغ الكبير إلى أموال أخذها أصحاب هذه المصلحة، تقاسموها، الذي حفر الأرض، والذي بنى، والذي صب السقف، والذي طلى البيت، والذي مدد والذي ... ثم جاء إنسانان، وسكنا في هذين البيتين، الإنسان دفع، لكن وجد بيتًا يسكنه، المبلغ الكبير الذي في الصندوق لو خرج فانقلب إلى بناء مؤلف من عشرة بيوت، وجاء أناس، واستأجروا هذه البيوت لحلت مئات المشاكل، لذلك من بعض توجيهات الشارع الحكيم أن الزكاة حينما تفرض على المال الذي لا ينمو، الغنم مال، لكنه ينمو بطبيعته في توالد، البقر، الإبل، النبات تزرع حبة واحدة قد تنقلب هذه الحبة إلى مئة حبة، الزراعة تنمو، والأنعام تنمو، لكن المال لا ينمو، فرض على المال الزكاة، لأنك إذا لم تستثمره لصالح المسلمين أكلته الزكاة، وكأن فريضة الزكاة باعث على أن تستثمر المال، أن تنفع به المسلمين، إذاً حينما قال الله عز وجل: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ]، أي يجب أن تضمنوا لبعضكم بعض قطف ثمار أعمالكم، أما لو أن هذا الإنسان بعد أن بنى هذا البناء، وقلب هذا المال الجامد من صندوقه إلى بناء من عشر بيوت أخذناه منه عنوة، كم من إنسان آخر يحجم عن استثمار ماله في البناء؟ معظم الناس، بالضبط، إذا ضمنا له أن يقطف ثمار ماله، إذاً الحركة تتنشط، هذه الآية أيها الإخوة توجيه إلهي دقيق، ومعناها الدقيق أن نضمن لكل إنسان كائن من كان قطف ثمار حركته في الحياة، إذاً تنشأ حركة واسعة جداً، نشيطة جداً، مثمرة جداً وأنا لا أتصور أن الرخاء الذي تنعم به بعض المجتمعات الشاردة عن الله عز وجل إلا أن مبدأ صون حركة المال وحركة الحياة مضمون هناك.

[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ]، إذاً حينما نهى الله عز وجل عن أكل أموال الناس بالباطل فقد نهى كل المسلمين أن يأكلوا أموالك - أيها المؤمن - بالباطل، فهذا الأمر لصالحك، أنت واحد، أما هناك ملايين مملينة أمرت كما أمرت أن يفكوا عن مالك، هذا المعنى الأول، والمعنى الثاني حينما أضمن للإنسان أن يقطف ثمار حركته في الحياة معنى ذلك أنني نشطت العمل، الآن أكبر مشكلة تعاني منها المجتمعات البطالة.

سيدنا عمر هذا الخليفة الراشد سأل أحد الولاة: ماذا تفعل إذا جاءك الناس بسارق أو ناهب؟ قال: أقطع يده، قال: إذاً إن جاءني من رعيتك من جائع أو عاطل فسأقطع يدك، انتبه هذا الخليفة الراشد قبل 1400 عام إلى أن أكبر مشكلة في المجتمع البطالة، أحياناً يقال لك: في بعض الإحصاءات أن هذه النسبة لم تكن من خمسين عامًا 6.3 في مجتمعات 60% بطالة، هذا توجيه قرآني لكل المؤمنين لذلك من هو السارق؟ السارق اعتدى على جهد الآخرين، إنسان تعب، وعمل، وقطف ثمار ماله، فجاء من أخذها منه، لذلك الحد قوي جداً تقطع يده، صوناً لحركة الحياة، سأل بعضَ العلماء شاعرٌ فقال له:

يد بخمس مئين عسجد وديت ما بالها قطعت في ربع دينار؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير