[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ]، توسع بعض العلماء في معنى التجارة التي عن تراضٍ، أي لو كشفت الحقائق للمشتري يرضى، لو كشفت الحقائق للبائع يرضى، أما إذا طمست الحقائق، وعتم على بعضها رضي المشتري، إذا أوهمته أن هذه البضاعة سوف يمنع استيرادها خلال أيام، وليس عندي إلا قطعة واحدة، وعندك ألف قطعة في المستودع، ليس عندك إلا قطعة واحدة، أوهمته بذلك فاشتراها مباشرة دون أن يساومك على السعر، هذا مال حرام، لأنك غيرت حركة السوق الطبيعية، حينما تغير الحركة الطبيعية للسوق فهذا نوع من الكسب الحرام، [إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ]، ولماذا ذكر الله التجارة، ولم يذكر الصناعة؟ لأن التجارة هي الوسيط بين المنتج والمستهلك، قد يكون الإنتاج زراعياً، فالتاجر يشترى الخضار والفواكه فيبيعها، وقد يكون الإنتاج صناعياً، التاجر يشتري ويبيع، فالوسيط الذي يتوسط بين المنتج والمستهلك هو التاجر، فالله عز وجل ذكر التجارة على أنها طريقة من طرائق الكسب، وفي بعض الأحاديث الشريفة يقول عليه الصلاة والسلام: ((إن أطيب الكسب كسب التجار)).
لكن أين هم التجار الذين يغطيهم هذا الحديث؟.
((إذا حدثوا لم يكذبوا، وإذا ائتمنوا لم يخونوا، وإذا وعدوا لم يخلفوا وإذا اشتروا لم يذموا، وإذا باعوا لم يطروا، وإذا كان عليهم لم يمطلوا، وإذا كان لهم لم يعسروا).
[أخرجه البيهقي عن معاذ].
سبع صفات إذا توافرت في التاجر كان هذا التاجر صدوقا، وكان مع النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين يوم القيامة لأنه صار داعية إلى الله، وأكبر قطرين إسلاميين في شرق آسيا أسلمت شعوبها عن طريق التجار فقط، التجار يحتل مكانة كبيرة في المجتمع، لأنه أعطاك بضاعة جيدة بسعر معتدل، أما إذا غش فيحتل مكانة سيئة في المجتمع، كان السلف الصالح حينما يفتحون محلاتهم التجارية ينون خدمة المسلمين، إذاً هم في عبادة، المؤمن عاداته عبادات، والمنافق عباداته الصرفة سيئات.
(سورة النساء الآية: 142).
ثم يقول الله عز وجل: [وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ]، يقتل نفسه يائسًا من رحمة الله، كأن الله يعلمنا أن نتلقى الشدائد بقوة متماسكة، سيدنا موسى، وهذا درس بليغ، حينما كان مع قومه، وفرعون من ورائهم، والبحر من أمامه، بحسب قوانين الأرض احتمال النجاة صفر، لا أمل أبداً، فرعون بطغيانه، وجبروته، وقسوته، وجنوده، وأسلحته، وحقده وراء شرذمة قليلة من أتباع سيدنا موسى، والبحر أمامهم.
(سورة الشعراء الآيتان: 61 ـ 62).
من هو المنتحر؟ إنسان لا يعرف الله أبداً، طيب هناك أمل بالمليار واحد، من وجد نفسه لقمة في بطن حوت في ظلمة الليل، وفي ظلمة أعماق البحر، وفي ظلمة بطن الحوت:
لا يقال هنا: ليس هناك تغطية في هذا المحل.
(سورة الأنبياء الآيتان: 87 ـ 88).
ألا تكفي هذه الآية؟ من هو المنتحر؟ إنسان لا يعرف الله أبداً، بحسب قوانين الأرض لا أمل، لكن الله يخلق الأمل من لا شيء، يخلق من الضعف قوة، فالمنتحر كافر، لأنه لا يعرف الله، ولا يعرف أن الذي خلقه أمره كن فيكون، لكن في معنى آخر لهذه الآية، لا تقتل غيرك فتقتل، بنظام خالق الأكوان.
(سورة البقرة الآية: 179).
حينما يشرع أن القاتل يجب أن يقتل، أبداً، إذاً ضمنا الحياة للطرفين، للقاتل لم يقتل، وللمقتول لم يقتل، مادام هناك قناعة ثابتة أن هذا النظام الإسلامي القاتل يقتل، فالقاتل لا يقتل، والمقتول لم يقتل، ضمن حياة الاثنين، وهذا معنى قوله تعالى: [وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِ]، أحياناً أيها الإخوة هناك حدود ردعية لو لم تطبق، أو لو لم تستعمل بالأصح أثرها واضح، ما الذي يبعد الناس عن أن يأكلوا أموال بعضهم بعض؟ وجود السلطان، وإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، فحينما يعدم الإنسان مثلاً في مركز المدينة لأنه سارق، أو لأنه قاتل فهذا يعطي ردعًا كبيرًا جداً الناس، يرتاحون حينما ينزل العقاب بالقاتل أو بالسارق، فلذلك: [وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ]، أي لا تقتلوا بعضكم بعض، عندئذٍ
¥