تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أخذ من الربا إلى أصحابه ولا يتحجج بقوله (فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ). قال (وَمَنْ عَادَ) أي عاد إلى الربا بعد تلك الموعظة (فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ) هم أصحاب لها يعني سيخلّدون فيها وأكّد ذلك فقال (هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) وقد أشكل هذا الأمر على كثير من العلماء كيف يوعد على عمل من المعاصي والذنوب العظيمة بالخلود في النار علماً بأنه قد لا يخلد فيها لأن أهل التوحيد بإجماع أهل السنة لا يخلّدون في النار ولهم في ذلك أجوبة كثيرة وفي نظري أن أقومها هو قول من قال من أهل العلم إن هذه عقوبة الربا بذاته بغض النظر عن انتفاء الموانع واكتمال الشروط فمن اكتملت فيه الشروط وانتفت عنه الموانع استحق هذه العقوبة من الله وهي الخلود في النار على الربا فإن قام به مانع يمنع من الخلود فإن الله سبحانه وتعالى يرحمه من ذلك المانع فلا يخلده في النار أي لا يتحقق فيه الخلود. ما عو المانع الذي يكون في أهل التوحيد؟ المانع هو التوحيد لأن التوحيد يمنع من الخلود وبهذا نقول إن الربا عقوبته عند الله هو الخلود في النار ما لم يكن هناك مانع يمنع من الخلود، فإذا وجد مانع وهو التوحيد فإن ذلك يمنع من الخلود وهذا الجواب كما نقوله في هذه الآية نقوله في آية القتل (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا (93) النساء) هذا الخلود أيضاً يقال هو جزاء لمن قتل مؤمناً إلا إن يقوم به مانع وهو التوحيد فالتوحيد مانع من الخلود بإجماع أهل السُنّة. ثم قال الله عز وجل (يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا) هذا وعيد جديد لأهل الربا وهو أن الأموال التي أخذوها ظلماً وعدواناً ممحوقة ومعنى المحق هو النقص الذي ينتهي إلى زوال ويصل إلى اضمحلال وهذا والله حق فإننا نرى أولئك المرابين يرون هذا المحق في أموالهم تكثر أموالهم ثم تكثر ثم تزداد وتنمو فيأتي الله عز وجل بقدر من أقداره يمحو عليهم بها أموالهم ويلغيها عليهم نسأل الله العافية والسلامة. وما حصل في الأزمة المالية العالمية التي شاهدناها قبل أشهر قليلة كيف ذهبت مدخرات وأموال كثيرة للناس وذلك من وعد الله سبحانه وتعالى عندما قال (يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) البقرة) فما جمع أحدٌ مالاً من ظلم أو ربا إلا جعل الله عاقبته إلى قُلّ كما ورد في الحديث الذي رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: الربا وإن كثر فإن عاقبته تصير إلى قُلّ، يعني إلى أمر قليل. انظروا إلى أميركا في يوم من الأيام كانت أموالها ومدخراتها شيء لا يمكن أن يوازيه دولة أخرى في العالم ثم آل بها الأمر إلى أن شركاتها وبنوكها تفلس شركة إثر شركة لأنها قائمة على مبدأ الربا قال الله عز وجل (وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ) أي ينميها وفي ذلك حثّ من الله عز وجل أن من أراد نماء ماله فعليه بالصدقة (وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ). أسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بكتابه وأن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[25 Aug 2009, 05:20 م]ـ

الحلقة الرابعة

الحمد لله والصلاة والسلام وعلى رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد، فهذا هو المجلس الرابع من برنامجكم أضواء المقاطع أسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا به وأن يجعلنا من المنتفعين بكلامه إنه ولي ذلك والقادر عليه.

مقطعنا اليوم من سورة آل عمران من الجزء الرابع آية 102 من قول الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير