تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52)) في هذه الآيات يحذرنا ربنا سبحانه وتعالى من أن نتخذ اليهود والنصارى أولياء وأن نجعلهم بطانة وأن نمكنهم من بلادنا ونمكنهم من أمرنا وأن نجعلهم اصدقاء لنا نستشيرهم في أمور المسلمين وأن نواليهم من دون أهل الإسلام لأن في موالاتهم خطراً علينا وخطراً على مستقبلنا فقد قال الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ (118) آل عمران) فهم لا يالون لا يقصرون في إيصال الخبال إلينا ولذلك يقول الله عز وجل مؤكداً هذه الحقيقة وأن المسلم الذي امتلأ قلبه بسلامة الصدر لا يجوز له أن يغفل عن هذه الحقيقة وهي أن هؤلاء لا يقع في قلوبهم إلا البغضاء لنا عنت ومحبة العنت أن تقع لنا جميعاً قال (هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (119) آل عمران) فلننتبه إلى هذا الأمر الذي نبهنا الله عليه فالله عز وجل أعلم بعباده وهو الذي بيّن لنا ما تخفيه صدور هؤلاء وكلامه عز وجل حق وهو الذي خلق وهو أعلم بمن خلق فلا يغرننا أنهم يدعون إلى الإنسانية ولا يغرننا أننا نرى منهم ابتسامة صفراء تعلو وجوههم ولا يغرننا أنهم يقدمون لنا في الظاهر نصحاً فإننا إذا وكّلنا أمور المسلمين الخاصة إليهم يخونون ولا يتركون ما هم عليه. وهذه القضية العصبية التي لا يكاد يخلو منها أحد وهي ميل الإنسان إلى نصرة طائفته وقبيلته ومن ينتمي إليهم هذا شيء شبه فطري فإذا أردنا أن ننزع اليهودي أو النصراني مما جبل عليه كما يجبل غيره عليه فإن ذلك مخالفة منا للعقل ومخالفة للشرع ولذلك قال الله عز وجل محذراً (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء) لا تجلعوهم أولياء كما تجعلوا المسلمين أولياء قريبين منكم وأصدقاء ومستشارين ومناصحين وبطانة فإنكم إن فعلتم ذلك فقد خنتم الله وخالفتم أمره وأوقعتم بنفسكم الضر قال الله عز وجل (بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ) بعضهم يوالي بعضاً فيتعاونون عليكم. وتصور لو أنك اتخذت بطانة من النصارى ومن اليهود تسنصحهم وتستشيرهم فهل تظن أن هؤلاء إذا أرادهم قومهم بسوء يوقعونه فيك أم ينصحوا لك ويدعوا قومهم، لا، بعضهم أولياء بعض فاحذر أن تتخذهم بطانة واحذر أن تجعلهم يطلعون على عورات المسلمين وينظرون إلى أسرار أهل الإسلام وإلى دولة المسلمين. قال الله عز وجل (وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) هذا تحذير عظيم من الله عز وجل الإسلام ألا يتولوا هؤلاء الكفار فيتخذونهم بطانة من دون المؤمنين ويجعلوهم مستشارين من دون أهل الإسلام ويناصرونهم في قاضاياهم حتى ولو على أهل الإسلام فإن من تولاهم جعله الله منهم. كيف يمكن لإنسان أن يدعي أنه يحب الله وهو يوالي أعداءه لو قال لك إنسان إني أحبك حباً شديداً ثم رأيته يجلس مع عدوك ويواليه ويجالسه لعرفت أنه كاذب في دعواه عندما ادعى أنه يحبك ولو قلت لأبيك أنا أحبك وأويرك على من سواك ثم جلست مع من أضروا بأبيك وعادوه عداء شديداً وأوقعوا به إيقاعاً مؤلماً فإن أباك لا يصدق محبتك ولا يرضى منك بهذا الذي تعمله. كيف تريدون منا أن يرضى منا ربنا سبحانه وتعالى أن نشهد له بالوحدانية وندعي أننا نحبه ونطيعه وهو في الوقت ذاته يرى منا أننا نصادق أعداءه ونقربهم وندنيهم قال الله سبحانه وتعالى (إنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) انظروا كيف أظهر ما يمكن إضماره فجاء بقوله (الظالمين) في موقع الضمير فلو قال إن الله لا يهديهم أي هؤلاء الذين يتولون الكافرين لكان معبراً عن المعنى لكنه أوقع المظهر مكان المُضمر حتى يبين أن هؤلاء ظالمون وأنهم يستحقون هذا الوصف. ثم تأتي الآيات بعد

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير