تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ذلك لتشرح السبب الذي يدعو بعض الناس لأن يتولى الكافرين ويدنيهم ويقربهم فماذا يقول الله؟ (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ) هذا يبين لنا أنه لا يدنيهم ولا يواليهم إلا من في قلبه مرض. هل أنت أيها المسلم تريد أن تكونوا ممن وصموا بهذا الوصم ووصفوا بهذا الوصف أن يكون في قلبك مرض؟! المؤمن الحق لا يرضى بأن يكون قلبه مريضاً ولا أن يكون موصوفاً بهذا الوصف فيقول (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ) يعني يسارعون في موالاتهم والقرب منهم لماذا؟ (نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ) نحن ما واليناهم ولا قربناهم ولا صادقناهم ولا اتخذناهم إخواناً وأعواناً إلا لأننا نريد إذا دارت الدوائر وقامت الحروب أن يكونوا أعواناً لنا فالله عز وجل يقول ما يدريكم أن الله عز وجل قد يأتي بالفتح أو أمر من عنده وهو أن تضرب الجزيةعلى أمثال هؤلاء وتعلو دولة الإسلام فلا يتنتفعون بشيء تكونون قد خسرتم علاقتكم مع ربكم وخسرتم أيضاً دنياكم واليتم مهزومين بالفعل قال الله عز وجل (فَعَسَى اللّهُ) وعسى من الله واجبة (أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ) وقد جاء بالفتح (أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ) وهو علو المسلمين وقد جاء الله بذلك من عنده (فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ) أي يصبح هؤلاء الذين في قلوبهم مرض على ما في أنفسهم نادمين. وبالفعل ارتفعت دولة الإسلام وذهبت دولة النفاق وذهبت دولة اليهود في المدينة عندما أدان الله المسلمين عليهم فذهب بني قينقاع ثم ذهب بنو النضير ثم محق الله سبحانه وتعالى واستأصل شأفة بني قريظة فذهبوا جميعاً ولم يبق لهم دولة وخاب الذي كانوا يرجونه ويتوقعون أن يكون لهم شيء من النصر لديهم. هذه وصية الله عز وجل لنا يجب علينا أن نأخذ بها وأن نعلم أنها هي الحق لأنه ليس هناك شيء في الكتاب إلا وهو حق فالله هو الذي أمر وهو الذي يعلم ما في النفوس وهو الذي يعلم لمن تكون العاقبة وهو الذي سبحانه وتعالى يأمر وينهة ويفعل ما يشاء ويحكم ما يريد أمر أن لا نتخذ اليهود والنصارى أولياء وإذا كان اليهود والنصارى أولياء لا يتخذوا أولياء وهم أهل كتاب فإن غيرهم من أهل الملل الأخرى من أهل الشرك وعباد الأصنام من باب أولى لا يجوز لنا أن نتخذهم أولياء. ولكن هل يمنع ذلك أن نحسن إليهم ونعدل معهم؟ لا، قال تعالى لا نتخذهم أولياء لا نقربهم ولا ندنيهم ولا نوكلهم من أمور المسلمين ونطلع عليهم أسرار أهل الإسلام وفي الوقت ذاته لا نظلمهم ولا نسيء إليهم إلا إذا أساؤوا إلينا، قال الله عز وجل (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) الممتحنة) فالمودة القلبية محرّمة (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ (22) المجادلة) فالمودة القلبية محرّمة على كل حال والتولي بأن نقربهم ونبعد أهل الإسلام أو ندنيهم ونطلعهم على عورات المسلمين ونجعلهم مستشارين وخلصاء وبطانة هذا مُحرّم أيضاً علينا. لكن أن نعامل المحسن منهم معاملة حسنة ونقصد بذلك دعوته إلى الله عز وجل ونقسط إليه ونعدل معه ونؤدي إليه حقه فإن الله عز وجل لا ينهانا عن ذلك بل إن الله يحب المقسطين (إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9) الممتحنة) فهذا هو الذي نهينا عنه. ولذلك نعتبر هذه الإرشادات الربانية هي غاية ما يمكن أن نصل إليه في هذا الباب فنحن يجب علينا أن نستوعب هذا الدرس استيعاباً تاماً وأن نعلم أن قضية الولاء والبراء من أعظم القضايا التي جاء بها القرآن وكثير من الناس في هذا العصر يشككون في هذا الأمر ويريدون أن يوهنوا أمر الدين بموالاة أعداء المسلمين، لا والله، لن تقوم للمسلمين قائمة حتى يتجرد المسلمون ويكتفوا بأنفسهم ويعلموا أن عداوة الكافرين

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير