تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[30 Aug 2009, 04:55 م]ـ

الحلقة التاسعة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. هذا هو المجلس التاسع من برنامج أضواء المقاطع وحديثنا اليوم في الجزء التاسع في سورة الأعراف في الاية 199 يقول الله عز وجل (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199) وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200)). في هذه الآية يأمرنا الله عز وجل بأن نأخذ العفو وأن نأمر بالعُرف وأن نعرض عن الجاهين وإذا نزغنا من الشيطان نزغ فلنستعيذ بالله إنه سميع عليم. هذه الآيات من الآيات الجامعة في القرآن الكريم الجامعة لمكارم الأخلاق والتي لا يستغني مسلم يريد الحياة الطيبة عن الأخذ بما جاء فيها من وصايا وحكم ربانية. أولها يقول الله جل وعلا (خُذِ الْعَفْوَ) يعني خذ من الناس ما سمحت به أنفسهم واحتمل منهم ما جاؤوا به واقبله منهم وإياك أن تكلفهم ما لا يريدون أن يقدموه وما لا يرضون أن يأتوا به فإن الإنسان إذا امتلأ قلبه بذلك وأخذ من الناس ما جادوا به وما سمحت به أنفسهم فذلك والله خير له. وذلك أطمن لقلبه وأرضى لنفسه وأبعد له عن الشقاق وعن الخلاف وعن الضغينة البغضاء وعن الحسد. يقول العلماء رحمهم الله تعالى خذ العفو أي من أخلاق الناس وأعمالهم من غير تجسس. وقال هشام بن عروة عن أبيه: أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأخذ العفو من أخلاق الناس وهذا أمر ينبغي على كل داعية أن ينتبه له، فأنت عندما تقابل الناس وتجالسهم وتخالطهم تجد فيهم الكريم وتجد فيهم البخيل وتجد فيهم اللئيم وتجد فيهم السمح وتجد فيهم الشجاع وتجد فيهم من يقوم بقضاء الحاجات ويغيث الملهوفين وتجد منهم من يشح بذلك فلا يخدم الناس ولا يقضي حوائجهم فإذا أردت أن تعيش معهم سالماً من كل أذى موفور العِرض من غير أن يقع في قلبك شيء من الضيق والضيم والضررفخذ العفو من أخلاقهم فإن الله جبل الناس على أخلاق كثيرة فإذا أردت أن تحاسبهم على ذلك وأن تأخذ في نفسك عليهم آذاك هذا الأمر أذى شديداً وأتعبك وصرت في معاملتك للناس لن تجد من تأنس به. قال النبي صلى الله عليه وسلم "إنما مثل الناس كإبل المائة لا تكاد فيها واحداً" يعني لا تكاد تجد من يوافقك في أخلاقك وطريقتك إلا واحد في المائة. وهذا والله نجده الآن عندما نكون في المدارس وفي الجامعات وفي الوظائف ترى أناساً كثيرين فلا يوافقك من هؤلاء الناس إلا واحد أو إن أكثرت اثنين. إذن حتى تحيا سالم الصدر معافى من كل ضغينة وشحناء تعامل الناس معاملة بالقسط تطلب ما عند الله عز وجل وتريد وجهه (خُذِ الْعَفْوَ). يقول أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: بقيت مع النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لشيء فعلته لِمَ فعلته ولا لشي لم أفعله لم لم تفعله" وهذا تطبيق عملي لقول الله عز وجل (خُذِ الْعَفْوَ) يعني إياك أن تحمل في صدرك على أحد لأنه لم يوافقك على الأمر الذي تريد وهنا نلاحظ أن كثيراً من الناس تجده يعيش زمانه وهو يشمت بالناس ويسخر منهم ويحاسبهم ويعاتبهم على تقصيرهم في حقه، فلان طلبت منه خدمة فلم يقم بها، فلان أردت منه أن يفعل كذا فلم يفعل، فلان نصحته فلم يمتثل، فلان كانت عنده مناسبة أو وليمة أو عرس أو جمع الناس ولم يطلب مني أن آتي ولم يدعني كما دعا سائر الناس، تجده دائماً يتشكى من الناس الذين لم يقدروه قدره ولم يعرفوا له حقه. نقول (خُذِ الْعَفْوَ) إن دُعيت فأجِب، إن أُحسِن إليك إفرح، إن أُسيء إليك فاقبل واطمئن واعلم أن هذه النفوس بيد الله عز وجل. قال الله جل وعلا (وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) لا يعني لك إذا فعلت الذي فعلت أو رأيت الناس على تلك الحال أن لا تأمر بالمعروف مُر بالمعروف ودٌلّ الناس على الخير ليكن قصدك وحظك أن تدل الناس على الله ولا يكن قصدك وحظك أن تأخذ بحقك من الناس. إياك أن تدعو وأنت تريد من الناس أن يحترموك ويقدروك وأن يكرموك وأن يرفعوا منزلتك وأن يقوموا بشأنك ولكن ليكن همك أن تأمرهم بالمعروف وتدلهم على ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، وهذا أمر عظيم. عندما تكون مع الناس إنسَ نفسك وقم بحق الله عز وجل وإذا قمت بحق الله فإن الله سيسخّر هؤلاء

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير