تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

النبي صلى الله عليه وسلم ما هو أبلغ من ذلك قال: "الدين النصيحة" قلنا لمن يا رسول الله؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. فبيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن الدين هو النصيحة وأن النصيحة تكون لله بتوحيده واتّباع أمره وتكون لرسوله كذلك وتكون لكتابه أيضاً وتكون لأئمة المسلمين وعامتهم بنصحهم ونصرتهم والأخذ على ايديهم ودلالتهم على الخير في كل حال أئمة المسلمين وكذلك عامتهم. وهنا عندما ذكر الولاية ذكر أول مقوم من مقوماتها وأول مظهر من مظاهرها وهو أن نكون مترابطين وأن يخشى كل واحد منا على أخيه كما يخشى على نفسه ولذلك إذا رأى أخاه قصّر في معروف نبهه وإذا رآه قد وطيء على منكر حذّره دعاه وأشفق عليه وناداه، فلنتقي الله سبحانه وتعالى في هذه الولاية. ثم قال (يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ) تأملوا كيف بدأ بهما وهذا من أعاجيب هذه الآية مع أن الذي جاء بعدهما أولى منهما ولكن أبرزهما الله عزووجل اعتناءً بهما ودلالة على أن الولاية لا تكون صادقة ولا تتحقق إلا بهما وإلا طاعة الله ورسوله هي أولى من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إن أردنا أن نفصل، علماً أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من طاعة الله ورسوله ولكن طاعة الله ورسوله أعمّ وأشمل وتستوعب الدين كله، فلننتبه لذلك. إنما قُدِّما إعتناء بهما وقُدِما لصلتهما بالولاية الإيمانية والأخوة التي يجب أن تكون بين المؤمنين. قال (يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) ما هو المعروف؟ المعروف هو كل ما عُرِف بالشرع والعقل حسنه فهم يأمرون به كل ما كان حسناً عند الله وعند الناس مما لا يخالف الشرع فإنه يجب علينا أن نأمر به وندل عليه. تأمر بالصلاة لأنها معروف وتأمر ببر الوالدين لأنه معروف وتأمر بصلة الأرحام وتأمر الإنسان أن يغير إطار سيارته لأنه قديم فهذا أمر بالمعروف وتأمر فلان أن يضع اللون الفلاني على جدار بيته لأنه أصلح له فهذا أمر بالمعروف. إذن كل ما عرف حسنه بالشرع والعقل فهو معروف فنأمر به. ثم قال (وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَر) يحذرون ويأخذون بحجز إخوانهم عن الوقوع في المنكر، فما هو المنكر؟ المنكر هو كل ما عُرِف قبحه بالشرع والعقل، فما عُرِلإ قبحه بالشرع والعقل ينهون عنه سواء كان ذلك نهياً عن الزنا أو عن الشرك أو عن شرب الخمر أو عن النميمة والغيبة أو حتى نهياً عن الأشياء التي لا تصلح بها الحياة فلو أراد إنسان أن يشرب مشروباً يضر به وقلت له يا فلان إحذر هذا المشروب فهذا من النهي عن المنكر. قال الله عز وجل (وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ) أتبع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بغقامة الصلاة لأن إقامة الصلاة عونٌ على إقامة بهاتين الشريعتين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فأقم الصلاة ترى من نفسك قوة وقدرة وطاقة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ولاحظوا كيف أن الصلاة عندما ذكرت لم تذكر بلفظ يصلّون وإنما بلفظ يقيمون الصلاة وهذا يكاد يكون في سائر القرآن إلا ما شذّ وهو قليل مثل قوله عز وجل (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) الكوثر) فيقول يقيمون الصلاة أي يؤدونها على وجه الإقامة قائمين بشروطها وأركانها وواجباتها خاشعين فيها مقبلين فيها على الله عز وجل متبعين فيها لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذه هي الصلاة التي تأمرك بالمعروف وتنهاك عن المنكر وهي التي تعينك على الأمر بالمعروف وعلى النهي عن المنكر كما قال الله عز وجل (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45) العنكبوت). قال (وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ) لما ذكر حق الله ذكر حق المخلوقين لأن هذا هو بناء الدين. الدين ليس حقاً خالصاً لله عز وجل بمعنى عبودية من العبد لربه فقط بل هي حق لله وقيام أيضاً بحقوق المخلوقين الذين أوجب الله علينا أن نقوم بحقوقهم كالوالدين والأصدقاء والأقارب والزوجة والولد والأيتام وكل من أوجب الله عز وجل علينا تجاههم حقاً. فالله عز وجل ذكر حقه بإقامة الصلاة ثم ذكر حق المخلوق بقوله (وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ) ونلاحظ في سائر القرآن أن إيتاء الزكاة يقترن بإقامة الصلاة أولاً لأنهما ركنان في الإسلام مقترنان

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير