تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الخير في الدنيا وفي الآخرة. فالتدبر أمر عظيم أهمله المسلمون في العصور المتأخرة ولعل هذا هو أحد أسرار تخلفهم في هذا العصر لأنه عندهم كتاب عظيم لكنهم لا يعقلونه ولا يفهمونه ولا يخالط قلوبهم ويغير حياتهم. إن علينا أن نعيش مع القرآن وأن نهتم بالقرآن تدبراً وتذكراً واتعاظاً وعملاً. وهذا ما نريد أن نتحقق منه في هذا البرنامج المبارك ولكن بطريقة نرجو أن نوفق فيها إلى الحق والحكمة والصواب.

د. الربيعة: لا شك ولا ريب أننا نتفق على أهمية التدبر فهو الغاية الأولى التي أنزل الله تعالى من أجلها هذا القرآن ليدعونا ويبعثنا على الحياة به وهو الموصِل إلى العمل. ولذلك قد يسأل سائل كثيراً ما يُسأل هذا السؤال: ما هو التدبر الذي دعا الله تعالى إليه لئلا يكون هناك التباس بينه وبين التفسير وهو فهم المعنى؟ نقول أن التدبر حقيقة هو الوقوف مع كتاب الله عز وجل والتأمل والنظر فيه بقصد الانتفاع والإيمان والعلم والعمل، يون قصدك من قراءتك العمل، الامتثال، الإتباع الذي أمر الله سبحانه وتعالى به نبيه صلى الله عليه وسلم (اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ (106) الأنعام) ثم إذا وفقك الله لذلك فإنك ستجد بإذن الله تعالى أثر هذا القرآن على نفسك. ستجد حياة أخرى غير حياتك التي أنت فيها، لماذا؟ لأن قلبك عاش مع كتاب ربك ومع كلامه الذي مثله النبي صلى الله عليه وسلم بالربيع والربيع هو الجدول الذي فيه الماء يسقي تلك الحديقة في دعائه عليه الصلاة والسلام "أن تجعل القرآن ربيع قلبي" ما معنى ربيع قلوبنا؟ يعني غذاء لقلوبنا يدخل هذه القلوب وفيغذيها ويحييها فتُزهر وتصبح حديقة غنّاء من الإيمان بالله والأنس به سبحانه وتعالى وحتى الحياة العملية في السلوك والعمل وفي الصيام وفي التعامل بهذا القرآن ولهذا كان خُلُق النبي صلى الله عليه وسلم هذا القرآن.

د. الخضيري: إذن نحن نقول أن التدبر هو أن يُقبل الإنسان بقلبه على القرآن وأن يفتح قلبه لكلام الله عز وجل وهذا ممكن لكل واحد منا. هناك فرق بين التدبر والتفسير، التفسير هو أن تفهم معنى الآية كما أراده الله سبحانه وتعالى وأن تصل إلى المراد منها أما التدبر فهو أن تفتح قلبك للقرآن لتنتفع به فقد تنتفع بجملة من الآية وقد تنتفع بختام الآية وقد تنتفع بفحوى الآية ومدلولها ولذلك التدبر يؤمر به كل أحد، يؤمر به الصغير والكبير والذكر والأنثى والأعرابي والحضري وغير ذلك كل هؤلاء يؤمرون بالتدبر أما التفسير فإنه يحتاج إلى عُدّة وإلى آلة وإلى كتب وإلى نظر فيما قاله الأقدمون. أما التدبر فهو أن تفتح قلبك للقرآن وأن لا تقرأ القرآن بلسانك وأن لا تستمع إلى القرآن بأذنك بل كما قال الله عز وجل (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37) ق)

د. الربيعة: من أجل ذلك أحببنا أن يكون لنا هذا البرنامج الذي أسأل الله عز وجل أن يرزقنا فيه الإخلاص والتوفيق والسداد وأن نعرض فيه منهجاً عملياً في ظل كتاب الله عز وجل نحيا مع آيات من كتاب الله. وأحب أن أبين أن هذا البرنامج سوف يكون في سور نقرأها كثيراً في صلاتنا خاصة ويحفظها صغار المسلمين وكبارهم وهي قصار السور من سورة الضحى إلى سورة الناس مع سورة الفاتحة التي هي مقدمة القرآن وفاتحته. فأحببنا أن نعيش مع هذه السور لنقرأها في الصلاة ونحن نستشعر معناها وحقيقة ما أراد الله تعالى منها ونعي مقاصدها لتحيا بها قلوبنا ولذلك كان عنوان هذا البرنامج (لنحيا بالقرآن) نسأل الله تبارك وتعالى أن يحيينا بكتابه عز وجل وأن يرزقنا وإياكم هذا الهدي الكريم.

د. الخضيري: لكن نحن المنهج الذي سنسير عليه ونحب أن نذكره ليس هو أن نأتي بدقائق الاستنباطات ولكننا سنري إخواننا المشاهدين أنه بإمكان أي واحد منهم أن يتدبر في مثل هذه السور الذي تفعله نحن. فعندما نأتي مثلاً إلى قول الله عز وجل (الحمد لله رب العالمين) نبيّن فضل الحمد وأنه ينبغي عليك أيها المسلم أن تحمد الله كثيراً على كل نعمة وأن تكثر من الحمد بعد كل أمر تعمله وترى أن حمد الله من أجل وأعظم العبادات.

د. الربيعة: وأن يستشعر المسلم قيمة الحمد لله عز وجل.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير