تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الربيعة: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، فحياكم الله أيها الإخوة والأخوات في برنامجنا هذا البرنامج القرآني (لنحيا بالقرآن) وهذه الحلقة نتفيؤ بها ونتمم فيها حديثنا عن أعظم سورة من كتاب الله عز وجل وهي سورة الفاتحة. وقد تحدثنا عن أول هذه السورة ولعلنا نبين ونذكر بمقصد هذه السورة. هذه السورة العظيمة سورة الفاتحة التي افتتح الله بها كتابه لو تأملناها حقاً لوجدنا أنها تحمل غرضاً عظيماً يتضمن مقصد القرآن كله وهو تحقيق العبودية لله عز وجل ولذلك سماها الله عز وجل السبع المثاني والقرآن العظيم في بعض أقوال العلماء في ذلك. وتضمنت هذه السورة مقاصد القرآن كله لأنه لو رأينا القرآن كله لوجدنا أنه كله خطوط وخيوط تربط المسلم بتحقيق عبوديته لله عز وجل التحقيق الكامل.

د. الخضيري: واليوم سنتحدث بإذن الله عز وجل عن (إياك نعبد وإياك نستعين)

د. الربيعة: عن آية عظيمة فيها هي سرها وهي مجمعها

د. الخضيري: وهي سر القرآن كله لأن القرآن كله دائر على أمرين إما إخلاص العبادة لله وإما تحقيق الاستعانة بالله، حياتك ايها المسلم، مسيرتك إلى الله عز وجل دائرة على هذين الميزانيين أن تحقق العبودية لله فلا تعبد إلا الله وأن لا تستعين في أمورك كلها إلا بالله عز وجل فتجعل ربك سبحانه وتعالى هو عونك في كل أمر وتفتقر إلى الله في كل شيء.

د. الربيعة: أذكر من اقوال العلماء في هذه الآية وفضلها ما ذكره شيخ الإسلام إبن تيمية رحمه الله تعالى وقد ورد هذا عن بعض السلف أن الله عز وجل جمع الكتب في أربعة كتب الزبور والقرآن والتوراة والإنجيل وجمع الأربعة كتب في القرآن وجمع القرآن في الفاتحة وجمع الفاتحة في إياك نعبد وإياك نستعين.

د. الخضيري: هذه وردت عن الحسن البصري رحمه الله وبيّن هذا المعنى وهذا من فقهه رحمه الله فإن من يتأمل خلاصة القرآن ويتأمل خلاصة هذا الدين يجد أنها متحققة في هذه الكلمات الأربعة (إياك نعبد وإياك نستعين) يعني لا نعبد إلا إياك يا الله ولا نستعين إلا بك يا الله، فإذا تحقق المسلم منهما فقد حقق التوحيد على أجلى صوره وأجملها.

د. الربيعة: ولهذا أقول أن قرآءة هذه الآية وإعادتها وتكرارها مما يجدد ويحقق معنى العبودية لله عز وجل في نفس الإنسان خاصة إذا تأمل فيها حق التأمل وتدبرها حق التدبر. ولعلنا نبحر فيها قليلاً في بعض معانيها أو بعض هدايتها وظلالها ولن نستطيع أن نحصي ذلك لكن لنقف معها وقفات عملية تطبيقية.

د. الخضيري: لعلي أفتتح ذلك بشيء شامل ذكره إبن القيم رحمه الله تعالى فقال أصناف الناس في إياك نعبد وإياك نستعين أربعة: الصنف الأول من حققوا العبودية على أتم وجوهها وأكملها وحققوا الاستعانة بالله فهم لا يعبدون إلا الله ولا يستعينون إلا بالله وهؤلاء هم أعلى الخلق وأجلّ الخلق وهم الأنبياء والرسل والصديقون والصالحون من عباد الله والكُمّل من أولياء الله هؤلاء حققوا هذين الركنين وقاموا بهما على أتم الوجوه وأكملها نسأل الله أن يجعلنا منهم. الثاني من هم ضد هؤلاء من لا عبودية ولا استعانة (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44) الفرقان) فلا يعبدون الله ولا يستعينون بالله عز وجل وهؤلاء هم شر الخلق نسأل الله العافية والسلامة. والصنف الثالث هم من يعبدون ولا يستعينون كيف ذلك؟ تجد همته وقلبه مصرف إلى عبادة الله لكنه ينسى أن يستعين بالله تمر به الحاجة فلا يلتجئ إلى الله، يريد أن يقوم بالعبادة فلا ينصرف إلى الله عز وجل ويسأل الله أن يعينه على تلك العبادة، تقع به النكبة أو المصيبة فتجده فكر فيمن ينقذه منها ويبحث في ذهنه عن إنسان يشفع له أو يعينه على هذه المصيبة لأنه لا يستحضر معونة الله له في حياته فهو لا يتحقق من قوله إياك نعبد وإياك نستعين على قوله إياك نستعين. والعجيب أن إبن القيم رحمه الله تعالى قال وهذه كثيرة في الصالحين كثيرة في العُبّاد أنهم ينشغلون بتحقيق العبودية بمعنى أن الواحد تجده يتهجد ويصلي ويصوم ويتصدق ويذكر الله عز وجل ولكنه ينسى أن يستعين بالله عز وجل لى على عبادته، تجده وهو يستعد لقيام الليل يضع الساعة على الثانية ليلاً ويجتهد أن ينام لطريقة معينة ويهيئ الأسباب لقيام الليل لكنه

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير