تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا (27) الحديد) عندهم ربهانية، هذا العمل لم يكن على بينة ولم يكن على سنة ولم يكن عن طريقة أخذوها عن الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام فصاروا ضالين أيضاً. إذن الإنحراف يأتي من جهتين من جهة العلم أو من جهة العمل إذن صراط المنعم عليهم هو الصراط الذي جمع بين العلم النافع والعمل الصالح لذلك نقول يا إخواننا عليكم بالعلم النافع العلم الذي يهدي إلى الله وعليكم بلعمل الصالح وهو العمل الموافق لذلك العلم، ما تعمل أعمالاً من عند نفسك، لا تخترع عبادات وتتقرب بها إلى الله، لا، قد كفيت وهديت وما هناك عمل إلا العمل الذي ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم فقد تركنا على المحجّة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.

د. الربيعة: إذن حينما يقرأ المسلم (غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) فإنه يسأل ربه سبحانه وتعالى أن يسلّمه من سبل الإنحراف بعد سلوكه السبيل السويّ صراط المنعَم عليهم. سبل الإنحراف هناك سبيلان سبيل المغضوب عليهم وسبيل الضالين.

د. الخضيري: والمغضوب عليهم هم اليهود ومن شابههم، من علم علماً صحيحاً ولم يعمل به فهو من المغضوب عليهم.

د. الربيعة: علماً صحيحاً يعني تبين له الحق لكنه لم يعمل به. مثل ماذا؟

د. الخضيري: مثل المنافقين، المنافقون علموا الحق عرفوا أن هذا رسول الله وعرفوا أن هذا دين الله لكنهم لم يستجيبوا ولم يذعنوا فهم من المغضوب عليهم. وأيضاً الضالون كل من تعبد لله واجتهد وأحرق بدنه وجسمه ولكنه في المقابل ليس على بينة وليس على هدى بل اجتهد في العبادة على غير هدى من الله سبحانه وتعالى.

د. الربيعة: هل يمكن أن نضرب على هذا أمثلة واقعية في حياتنا حتى يستحضرها المسلم في حياته؟ المغضوب عليهم مثل إنسان يعلم أن الربا حرام

د. الخضيري: ومع ذلك تغريه الأرباح الربوية فيذهب ويساهم في البنوك الربوية هذا من طريق المغضوب عليهم

د. الربيعة: كل من علم حُكم شيء من الشرع ولم يعمل به

د. الخضيري: فله حظ من هذا الوصف. وفي المقابل نجد بعض الناس عنده همّة على العبادة لكنه يأخذ هذه العبادة من عند نفسه أو يأخذها من بيئته ومجتمعه ولا ينظر هل ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ هل وردت؟ هل دلّ عليها دليل؟ لا يتأكد من هذا ولا يتثبت منه فهذا خطير. ولذلك جاء رجل يقال له أبو إسرائيل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فنذر أن يقوم في الشمس وأن يصوم وأن لا يتكلم، ثلاثة أشياء أراد بها أن يتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى، فماذا حصل؟ رآه النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي ما لأبي إسرائيل؟ قالوا نذر أن يقوم في الشمس ويصوم وأن لا يتكلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم مروه فليتم صومه وليستظل وليتكلم أو كما قال عليه الصلاة والسلام لأن التعبد لله بترك الكلام والتعبد لله بالوقوف في الشمس هذه ليست من سبيل الرسول صلى الله عليه وسلم وليس من دين الله. فهمها كنت مجتهداً وذو نية صحيحة فإن ذلك لا يشفع لك عند الله سبحانه وتعالى.

د. الربيعة: (وَلاَ الضَّالِّينَ) من الأمثلة التي تقع منا ونحن نشعر بها من صفات الضالين التي يخشى المسلم أن يقع فيها مثل الذي يعمل بجهل، يتعبد الله بجهل كأن يستحدث عبادة من عند نفسه كأولئك أهل البدع والخرافات الذين يتعبدون لله بما لم يشرعه الله ولا رسوله كأنهم يستدركون على الله ورسوله.

د. الخضيري: وهذا خطير على المسلم. لعلنا نختم بشيء مهم جداً وهو نلاحظ أن سورة الفاتحة افتتحت بالثناء على الله عز وجل ثم باعتراف العبد بين يدي الله عز وجل بقوله (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) ثم بالدعاء، ما هي الفائدة العملية التي يستفيدها المسلم منهذه الطريقة في سورة الفاتحة؟

د. الربيعة: من الأمور التي ذكرها إبن كثير رحمه الله وبعض المفسرين أن المسلم يقدّم بين يدي دعائه الثناء على الله وأن هذا من أسباب الإجابة بإذن الله. فأول ما تسأل الله عز وجل إحمده أنت لو أتيت إلى تاجر فأنت تثني عليه هو وأهله وأنه صاحب الفضل والصدقات ثم تسأله والله تعالى صاحب الفضل العظيم والكرم العظيم يحب الحمد فاحمده واثني عليه بما هو أهله ثم اسأله ما تريد أن تساله، هذا من آداب الدعاء التي نستفيدها ونستنتجها من هذه السورة العظيمة.

د. الخضيري: إذن إذا رفعتم أيديكم لتدعوا الله سبحانه وتعالى فلا تبادروا بالمسألة بل إجعلوا بين يدي مسالتكم حمداً وثناء وافتقاراً لله عز وجل واعترافاً وذلاً وعبودية لله عز وجل وصلاة وسلاماً على رسوله صلى الله عليه وسلم حتى يستجاب الدعاء فإنكم إذا فعلتم ذلك فحريٌ بهذا الدعاء أن يستجاب وأن يُقبل.

د. الربيعة: الكلام في هذه السورة لا يمل وكلنا بحاجة إليه وإلى هذه السورة. هذه السورة باختصار تعطينا الكمال البشري لمن أراد الكمال إذا حقق عبودية الله وعرف الله حق معرفته وافتقر إليه وأظهر عبوديته بين يديه ولذلك إخواني ينبغي أن نقف عند هذه السورة التي نكررها في اليوم أكثر من ثلاثين مرة فرضاً ونفلاً أن نقف معها متدبرين عاملين ممتثلين نسأل الله أن يجعلنا من المتدبرين العاملين. ولنا معكم بإذن الله عز وجل لقاء يتجدد وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير