يا محمد بأن لا تقهر اليتيم وقد فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فكان أباً للأيتام يكرمهم ويرحمهم، يحنو عليهم ويعطيهم ويقدمهم ويقربهم لا يدّخر شيئاً عليهم وكان يأمر أصحابه بأن يرحموهم وأن يلطفوا بهم بل حتى أن يمسحوا على رؤوسهم حتى ترق القلوب وتتنظف الأفئدة من أدران الكبر والعجب.
د. الربيعة: والآية هذه تعطي اليتيم نفسه سلوى وتسلية لأن نبيه صلى الله عليه وسلم كان يتيماً وينبغي أن نشير إلى هذا الملحظ للأيتام
د. الخضيري: نقول لهم لا تياسوا فأشرف الخلق كان يتيماً وخيار عباد الله الصالحين كانوا أيتاماً ولم يضيعهم الله سبحانه وتعالى. كنُ حسن الظن بالله، ليكن أملك واسعاً لتكن مشرق النفس إعلم أن الله سبحانه وتعالى لن يضيعك وأنت لا تضيع نفسك. ولذلك نحن نقول لإخواننا الأيتام ولمن ابتلي باليتم ولمن كان عنده أيتام أبشروا وأمّلوا ولا تظنوا بربكم إلا خيراً.
د. الربيعة: لعلنا ننتقل إلى رسالة أخرى من رسائل هذه السورة العظيمة وهي قوله (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى) امتنان من الله على النبي صلى الله عليه وسلم بأنه وجده ضالاً، تأمل كلمة ضال.
د. الخضيري: ما معنى ضال؟
د. الربيعة: ضالاً لم يكن على شريعة حباه الله تعالى عليها
د. الخضيري: لم يكن على علم بهذا الوحي فهذا هو الضلال المقصود في هذه الآيةة أنه لم يكن يعرف بهذا الوحي ولم يكن يعلمه فسماه الله عز وجل ضلالاً وسمى نزول الوحي عليه هدى
د. الربيعة: مقارنة بالهدى الذي آتاه الله لأنه لم ضلال شرك ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يسجد ولم يسجد النبي لصنم قط ولم يلتفت لغير الله أحداً لكنه بالنسبة لما أتاه الله من الهدى والنور والحق كان ضلالاً. ولهذا فإن هذه الآية تعطيك أيها المسلم بأنك إذا لم تكن على هدى من الله وبصيرة في دينك فلتنظر إلى حالك. فإن الإنسان ليس دليلاً فقط عن الإسلام أنه على هدى ففيه هدى أي الهدى الكامل وكمال الهدى أن تكون على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم في عقيدتك وعبادتك وأخلاقك فهذا هو الهدى. فقد تكون مسلماً بشهادتك أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ولكن يجب أن تطلب كمال الهدى. ثم إن الإنسان أحياناً يشعر بأنه حينما يوفق للخير كأن يكون يخدم في مجال من مجالات الخير أو قد يوفق لحفظ كتاب الله أو يوفق للعيش مع هذا القرآن، والله إن من عاش مع كتاب الله عز وجل ليجد أن حياته الأولى ضلال، لماذا؟ لأنه وجد مع هذا الكتاب إنشراح وسكينة واستقراراً ووجد أنه إنسان يعبد الله على بصيرة
د. الخضيري: (أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ (122) الأنعام) ما هو النور؟ هو هذا الوحي. قال الله عز وجل وهو تفسير لهذه الآية وبيان لما أشرتم له من معنى جميل (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (52) الشورى)
د. الربيعة: أذكر أحد الأخوة ممن كان تخصصه في مجال التقنية والحاسب ويعمل في شركات تصدر البرامج الغنائية والأفلام وغير ذلك ثم وفقه الله عز وجل للعمل في موقع يخدم كتاب الله عز وجل يقول والله إني أجد الآن حياتي وأسأل الله أن يميتني على هذا الحال. هو مسلم لكنه شعر أنه كان في ضلال في سلوكه وشيء من أعماله ثم هداه الله لخدمه دينه وكتابه، حقاً هذا هو الهدى. فلينظر المسلم إلى السبيل الذي يسلكه في الحياة يجد فيه الهداية التامة.
د. الخضيري: نأخذ موقفاً آخر من هذه السورة يستضيء به المسلم في حياته. نحن تعاهدنا على أن نقف ثلاث أو أربع وقفات مع سورة من قصار المفصّل فنقبس منها واقعاً عملياً ونستضيء بها في حياتنا. الآية الثالثة التي نأخذها في هذا المجلس هي قول الله عز وجل (وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى) يعني وجدك فقيراً ليس بيدك مال فأغناك الله عز وجل وأعطاك المال. ماذا يعطيني ويعطيك أخي المسلم أن نرحم الفقراء وأن نغنيهم وأن نعطيهم وأن لا ننساهم وإذا أنعم الله علينا وأفاء بالمال أن نكرمهم وأن لا نحرمهم ما آتانا الله عز وجل. واعلم أن هذا المال الذي آتاك الله إياه هو فضل من الله وهو امتحان فعليك
¥