تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

شكراً لنعمة الله عز وجل أن تعطي السائلين وأن تمنح المحرومين وأن تكرم المساكين وأن لا تدخر وسعاً في هذا الباب وكلما أعطيت سيعطيك الله وكلما رحمت يرحمك الله. قال النبي صلى الله عليه وسلم "ما نقصت صدقة من مال"، "أنفق يا ابن آدم ينفق عليك"، "ما من يوم يصبح فيه إلا وملكان يقولان اللهم أعط منفقاً خلفا وأعط ممسكاً تلفا"

د. الربيعة: وهنا معنى آخر في هذه الآية ولطيفة مهمة نعرف بها حقيقة الغنى (وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى) ما هو الأمر الذي أغنى الله به نبيه؟ لا شك أن من أعظم ما أغنى الله به نبيه هو هذا الكتاب العظيم وهذه الشريعة وهذا الهدى وهذا الخير الذي منحه إياه. ثم ما منحه الله من فتوح غنى أمته ومنحه ملك فارس والروم بل ملك الأرض كلها وهذا يجعلنا نقول أن أعظم الغنى غناك بإيمانك بالله وهدايتك بالكتاب العظيم ومن ذاق ووجد هذه النعمة وهُدي إليها فإنه والله سيشعر بحقيقة غير الحقيقة

د. الخضيري: وايضاً ذكرتني بمعنى جميل جداً في في هذه الآية وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم "ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس". غنى النفس أن تقنع بما آتاك الله وأن لا تتطلع بما في أيدي الناس هذا هو غنى النفس. فإذا كان الإنسان راضياً بما قسم الله له مطمئناً إلى ما قدّره الله له فليعلم أنه في بحبوحة من العيش لأن ذاك الذي جعل عينيه في ايدي الناس وفيما أوتي الناس قد صار قلبه فقيراً أشد الفقر فهو لا يشبع من الدنيا مهما أوتي منها ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم "لو كان لابن آدم واد من ذهب لابتغى إليه ثانياً ولو كان له واديان لابتغى إليهما ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب" فلنعلم أنفسنا القناعة فهي كنز من أعظم كنوز الدنيا. وهنا نبينا صلى الله عليه وسلم كان يملك الدنيا بيديه وكانت بين يديه عليه الصلاة والسلام ومع ذلك كان صلى الله عليه وسلم ينفقها

د. الربيعة ويعطي عطاء من لا يخشى الفقر

د. الخضيري: وكان عليه الصلاة والسلام يدّخر لأهله قوت سنتهم ثم ينفق ذلك الذي ادخره فيمر الشهر والشهران والثلاثة ولا يوقد في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم نار، كل ذلك من غنى نفسه صلى الله عليه وسلم وينام على الحصير ويبيت جائعاً ويخرج إلى أصحابه وقد ربطوا الحجر على بطونهم وقد ربط الحجرين على بطنه عليه الصلاة والسلام.

د. الربيعة: قد يُشكل على بعض الناس هذه الآية عندما يقرأوها (وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى) فيقول النبي صلى الله عليه وسلم أنه عاش عيشة كفافاً بل عاش في ايام كثيرة من حياته في فقر وحاجة لكننا نقول لتنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيما أتاه الله من غنى في دين الله وما آتى أمته. أن ما آتى الله أمته من الغنى وفتح الله هذه الفتوح وهذا الخير هو ما آتاه النبي صلى الله عليه وسلم

د. الخضيري: إذن الدرس الذي نأخذه من هذه الآية هو أن يدرب الواحد منا نفسه على غنى النفس وعلى القناعة وأن يكون كل واحد منا أيضاً يتذكر هذا الوحي فيعتني به وهذه الشريعة وهذا النبي فيعتني بها ويحمد الله عليها ويعلم أن ما فاته من الدنيا ليس بشيء أمام ما آتاه الله عز وجل من الحظ العظيم وهو القرآن ولذلك ختمت السورة بقوله (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) لعلنا نأخذ لمحة عنها.

د. الربيعة: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) هذه النعمة التي أنعم الله بها عليك وكما ذكر أن أعظم النعم القرآن فيحدث بها بنشرها وتعليمها للناس وهنا نأخذ درساً عظيماً أن ما آتاك الله من الخير ومن نعمة الهداية ونعمة الإسلام فينبغي أن تحدث به الناس وتنشره للناس، هذا من شكره (لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ (7) إبراهيم) والإنسان ينبغي دائماً أن يذكر نعمة الله ويحمده عليها، آتانا الله كذا وكذا ولله الحمد والمنة على فضله. أما الذي لا يشكر ربه فإنه سبيتلى يفقده كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " من كانت الآخرة همّه جعل الله غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغبة". حينما تحدث بنعمة الله وحينما تكون راضياً بما آتاك الله فإن هذا باعث على المزيد بإذن الله من فضل الله عز وجل.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير