تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الخضيري: وهذا ما نريد أن نقف عنده وقفة ثانية في هذه السورة وهي قوله (لقد خلقنا) أقول لنفسي وللمشاهدين ينبغي أن نقف عند هذه الآية وقفة كريمة وهي أن هذه الآية الكريمة تدل على أن الله سبحانه وتعالى قد كرمنا وقد شرفنا ولذلك لا يليق بك أيها الإنسان ويا ابن آدم تزدري نعمة الله عليك وأن تقلل من فضل الله تعالى عليك وتنسى هذه النعمة العظيمة تنسى أن الله سواك وأحسن خلقك وعدّلك وأنبتك نباتاً طيباً كريماً فكلما تأملت أن هناك شيء ناقص عندك تأمل أن الله كملك وأحسن صورتك فنحمد الله سبحانه وتعالى وتقول الحمد لله أنا في نعمة أنا في خير. كان النساء يأتون إلى عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها فيقلن لها فلانة قد أنجبت فتقول هل هو سالم في عينيه، سالم في أذنبه، سالم في فمه، فكانت تطمئنهم (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) يعني لا ينبغي للإنسان أن ينظر إلى ما هو غير ذلك يعني المرأة تقول أنا أريد المولود جميل أو أشقر أو أبيض أو أصفر أو أحمر ويدون ويشكل وكأنه يريد أن ينافس الناس بجمال أبنائه وحسنهم، نقول لا (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) بعض النساء تعيش هماً عظيماً وكمداً متوالياً بسبب أنها ترى نفسها أنقص في الجمال وأقل في لون البشرة من أختها أو ابنة عمها أو صديقتها أو جارتها أو غير لذك نقول لها لا تنسي انظري إلى أولئك المشلولين وإلى الذين ابتلوا بالعاهات الدائمة ومع ذلك صبروا وذلك من حكمة الله.

د. الربيعة: ثم إن هناك تقويماً وشرفاً أعظم من هذا البدن وهو جانب الدين

د. الخضيري: هذا إذا نظرنا إلى الإنجاز المادي، ما هو الجانب المعنوي في هذه القضية؟

د. الربيعة: جانب الدين، فالله عز وجل خلق الإنسان في أحسن تقويم خلقته في أحسن تقويم يهيؤه لعبادة الله عز وجل. أرأيت كيف أن هذه القوامة بطول الإنسان وهو المخلوق الوحيد الذي شرّفه الله بقوامته وقيامه ومشيه على قدمين في أصله لا مخلوق فيما أعلم في أصل خلقته في طبيعته يمشي على رجليه قد يمشي الوطواط على رجلين لكنه يمشي على رجلين أو على أربعة لكن هذا الإنسان قد نصبه الله أولاً شرفاً له وثانياً أن هذا الجسم هو أهيأ ما يكون في خضوعه لله عز وجل

د. الخضيري: ولذلك إذا أراد أن يسجد تمدد هذا الجسم وانقبض ليتحقق له هذا السجود وهذا الخضوع والركوع لله

د. الربيعة: تأمل ليونة مفاصل الإنسان هي لأجل أن يلين لله عز وجل ويخضع ويخشع (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) ليهيؤه لعبادة الله عز وجل. ثم تأمل بعد ذلك قوله تعالى (ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ) كيف ذلك؟ لقد هيأك الله تعالى أيها الإنسان لعبادة الله وشرّفك بهذه العبادة وخلقك على أحسن تقويم في جسمك ولسانك وعينيك وجميع قواك لتعبد الله فإن خرجت عن هذه المهمة العظيمة وهذا الشرف العظيم فإن الإنسان بهذا في أسفل سافلين. في أسفل سافلين في منزلته بين الدواب (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ (22) التوبة) هم أشرّ من الدواب ثم إنه في أسفل سافلين في النار. هذا معنى الآية (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) هيأه الله سبحانه وتعالى بقوامته وهيأته وعقله لدين الله فإن هو تخلى عن هذا الشرف فإنه في أسفل سافلين.

د. الخضيري: ولهذا نقول ليس لنا خيار إما أن تقوم وتحمل هذه الأمانة وإلا فإن مردك إلى أسفل سافلين

د. الربيعة: ولهذا فإن أهل الطاعة في الحقيقة في عزّ "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله". انظر إلى حال المسلمين حينما ساروا وراء الغرب!

د. الخضيري: صاروا متخلفين وفي ذل القائمة وإلى يوم الدين إلى أن يشاء الله أن يرجعوا إلى دينهم.

د. الربيعة: ولذلك إن الإنسان كلما استقام على دين الله تعالى كان أعظم عزة وفخراً وإحساساً بهذه الحياة وعزتها وشرفها. فلنشرف بهذا الدين حينما نتمسك به ونعتز به ونعلم يقيناً أنه لا شرف لنا إلا بما شرفنا الله به. أما حينما يطلب الإنسان الشرف في موضاته الغربية وقصات وأشكال عجيبة هذا ليس والله لا شرف ولا عزّ.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير