تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الخضيري: مما يؤكد كلامك أنه ستأتي معنا السور القادمة أن كل الناس خاسرون وأنهم كلهم جميعاً هالكون إلا من التزم بالمواصفات الربانية كما سيأتي معنا في سورة العصر (وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)) إذا قمت بهذه الواجبات وأديت هذه الشروط استحقين هذا النجاح وفزت وسعدت في دنياك وأخراك وإذا تركت هذه الشروط فاعلم أنك خاسر في دنياك وخاسر في أُخراك ولا يغرنك أنك تملك أدوات وأجهزة وأموال وغيره، هذا لا يغرك هذا متاع زائل وذاهب. إذن نؤكد على أنفسنا ونتأكل هذا المعنى العظيم في نفوسنا خلقنا الله بأحسن تقويم لنعبده فإن لم نعبده فإن مردّ هذا القوام الحسن أن يكون حطباً لجهنم كما قال الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ (6) التحريم)

د. الربيعة: تأمل كأمثلة نضربها على هذه الآية، من أشرف الناس؟ الأنبياء والرسول صلى الله عليه وسلم أشرفهم، بماذا شرفوا؟ برسالة الله، بهذا الوحي الذي هو هذا الدين إنما كان الملبلِّغ الأول له عليه الصلاة والسلام ورسل الله أجمعين، ثم من حمل لواء هذه الدعوة.

د. الخضيري: من الصحابة والتابعين والصالحين والصديقين

د. الربيعة: ولذلك تجد أعظم الناس شرفاً في نفوس الناس هم العلماء، هم أهل الدين الذين يذبّون عن دين الله والذين ينشروه في الأرض دعاة الله في الأرض هؤلاء سبحان الله لهم في قلوب الناس مكانة.

د. الخضيري: ولذلك قال الحسن البصري كلمة جميلة قال إنهم (اي أهل المعاصي) إن طقطقت بهم البغال وهملجت بهم البرادين فإن ذل المعصية في رقابهم لا يفارقهم حتى يفارقوا معصية الله سبحانه وتعالى. وهذا ذل فطري قد يتبارى الإنسان بالعز والجبروت ولكن في قلبه ذل بحيث أنه إذا قابل عالماً أو صالحاً أو ولياً من أولياء الله تجده يتصاغر أمامه ويعلم أن ذلك على الحق وأنه على المنهج الرباني الصحيح وأنه هو ليس على شيء. ولذلك نجد الكثير من هؤلاء من فنانين وغيرهم تختم لهم بخواتم نسأل الله العافية والسلامة، خواتيم كثير منها سوء، بعضهم ينتحر وبعضهم يموت ميتة لا تُحمد ثم ترى جنائزهم نسأل الله العافية والسلامة في غاية السوء لا يشهدها إلا الفُسّاق والعصاة وأراذل عباد الله.

د. الربيعة: بعدها قال الله عز وجل (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) كيف نربط هذه الآية بما قبلها؟

د. الخضيري: لا شك أنه الآن لما بيّن الله سبحانه وتعالى أنه من لم يأخذ بهذا الدين فإنه في أسفل سافلين بيّن المنجى من ذلك وهو في أمرين وإنهما يسيران على من يسره الله سبحانه وتعالى عليه وهي أن يؤمن الإنسان بالله إيماناً صادقاً ويعمل الصالحات. والحمد لله عمل الصالحات ميسور لمن أقبل بقلبه وصدق مع ربه. عمل الصالحات أن تقوم بالصلوات الخمس وأن تصوم رمضان وأن تحج بيت الحرام مرة في العمر وأن تؤدي الزكاة وبر الوالدين وصلة الرحم.

د. الربيعة: إذن الدين يسير وهذا ملحظ في السورة مقصود وأن هذا الدين ليس صعباً، هذا الشرف الذي تنال به شرف الدنيا والآخرة تناله بعمل بسيط.

د. الخضيري: يعني الدين لا يمنعك من شهواتك تستطيع أن تستمتع بما أحلّه الله سبحانه وتعالى تستطيع أن تأكل وتشرب وتملك وتذهب وتجيء وتسافر وتستمع بمتع الحياة ومع ذلك تلتزم بأوامر الله وتنتهي عن نواهي الله ولا تتعدى حدود الله وتعلم بذلك أنك تحصل الشرف في الدنيا وتحصّل الفلاح في الآخرة

د. الربيعة: تأمل كيف ختم الله تعالى هذه السورة. إن كان هذا الدين موضع شرفك فما الذي يجعلك تتخلى عنه؟

د. الخضيري: والله ما هو إلا النفس الأمارة واتباع الهوى ومسايرة الناس وإلا سل الآن اي إنسان أوغل في معاصيه تقول له هل تشك في الله؟ يقول لك لا، تقول هل تشك في رسول الله؟ يقول لا، تقول هل تشك في كتاب الله؟ يقول لا، إذن ما الذي يمنعك من أن تتبعه وتقوم به وتؤدي حقوقه عليك؟ يقول لا أعرف، لأنه يريد أن يكون مثل زملائه يشرب الدخان ويترك الصلاة ولا يريد أن يصوم ولا يريد أن يزكي ولا يريد أن يصل رحمه ولا يريد أن ينصح ولا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر ولا يطعم المسكين ولا يرحم اليتيم، سبحان الله! إلى متى؟! هذه إن فعلتها فهي خير لك وهي حتى سعة لصدرك وراحة لبالك وانشراح لدنياك ولذة عاجلة

د. الربيعة: كما قال تعالى في آخر السورة (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ) أنك حينما تُمنح هذا الدين فهو حكمة الله أعظم حكمة أنه خلقك أيها الإنسان وهيأك لهذا الدين وجعل لك أجراً غير ممنون أي غير مقطوع وغير محاسب عليه والله إنها لأعظم حكمة. الحقيقة أن هذه السورة سورة عظيمة لا نمل منها ولا نشبع، سورة تعطينا شرفنا وتبين لنا قيمتنا في هذه الحياة بأننا لا شرف ولا عز ولا تمكين إلا بهذا الدين. نسأل الله عز وجل أن يشرفنا بهذا الدين ويجعلنا به أعزة ويجعلنا متمكنين. نختم الحلقة ونسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى. وإلى لقاء آخر بإذن الله وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير