تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

دعونا نقف مع بعض آيات هذه السورة ونحاول أن نستنبط العبر والدروس العملية من آياتها.

د. الربيعة: أحب أن أبيّن ما ذكرتَه في أول هذه السورة العظيمة ونؤكد أنها أول سورة نزلت مما يدلنا دلالة واضحة على أهميتها وبدؤها بالأمر بالقرآءة للنبي صلى الله عليه وسلم يدلنا على أن الله تعالى أراد لهذه الأمة أن تكون أمة إقرأ أمة العلم لأن العلم هو موضع الصعود والعلو والرفعة فالله سبحانه وتعالى أراد لنا الرفعة بالعلم، أولاً العلم الشرعي علم الله الشرعي وأوامره ونواهيه والعلم الدنيوي حتى في أمور الدنيا يجب أن نكون على علم وبينة لنسبق العالم ونكون ذا شأن فيه

د. الخضيري: حتى نكون أمة قوية وتستغني عن الآخرين، قال الله عز وجل (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ (60) الأنفال) والقوة شاملة.

د. الربيعة: أقف مع كلمة (إقرأ) هذه الكلمة العظيمة ذات الدلالات الكثيرة افتتح الله سبحانه وتعالى نزوله بالوحي. وكما نعلم في حديث بدء الوحي أن جبريل عندما أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له إقرأ فقال النبي ما أنا بقارئ قال فأخذني فشدني حتى بلغ مني الجهد ثم قال لي إقرأ فقلت ما أنا بقارئ فأخذني فشدني حتى بلغ مني الجهد ثم قال إقرأ باسم ربك الذي خلق، هذا التأكيد ثلاث مرات بالأمر على ماذا يدل؟

د. الخضيري: يدل على أهمية ما سيلقى على النبي صلى الله عليه وسلم وهو الأمر بالقرآءة

د. الربيعة: وأن هذا الوحي يحتاج إلى قلب يعي هذا الوحي العظيم ويحتاج إلى أن الإنسان ينبغي أن يتحمل عبء الدعوة وعبء هذا الوحي العظيم في تبلغيه والصبر عليه لا شك أنه أمر يحتاج المسلم أن يهتم به غاية الاهتمام.

د. الخضيري: من ذكرك لهذا الحديث العظيم عن نزول جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم أول مرة في غار حراء يتعبد لله عز وجل فغطه غطاً شديداً حتى بلغ منه الجهد ثلاث مرات، أقول أن هذا فيه فائدة تربوية أن لا نلقي المعلومات على أبنائنا وأطفالنا وتلاميذنا في المدارس جزافاً فجبريل عندما أراد أن يلقي المعلومات على النبي هيأه لذلك ثلاث مرات هذه الثلاث تجعله يستقبل المعلومة بكل حفاوة ولا يمكن أن ينساها. أنت إذا ألقيت عشر معلومات على متعلم يمكن أن يلقي منها سبع ويأخذ ثلاث لكن عندما تعطيه المعلومة بصورة مؤكدة ومحفزة وبعدد من الطريق وبأساليب متنوعة هذا يدعوه إلى أن يحفظ هذه المعلومة ولا ينسى شيئاً منها

د. الربيعة: أنت إذا أردت أن تنبه إبنك وهو غافل ربما تشده لينتبه، أساليب التنبيه كثيرة وفي هذا العصر تعددت أساليب التنبيه والتعليم والتوجيه مما ينبغي أن نأخذ منها ونستفيد بها. تأملت في أول آية افتتح الله كتابه وفي آخر آية نزولاً وهي آية الدين. فأول ما ابتدأ الله عز وجل نزول هذا الوحي كلمة (إقرأ) للنبي صلى الله عليه وسلم ثم بدأ النبي صلى الله عليه وسلم يلقن أصحابه ومن يؤمن من الناس بالقرآءة فيعلمهم القرآءة قرآءة هذا القرآن الكريم أولاً. في آخر ما نزل آية الدين التي فيها الأمر بالكتاب (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ (282) البقرة) تكررت كلمة كتب في الآية كثيراً وهذا التكرار ليس إلا لحكمة عظيمة وهي لا شك حكمة عظيمة وهي آخر آية وقد وقفت معها متأملاً أنها آخر آية نزلت في أقوال مختلفة لعل هذا من أظهرها وهي آية طويلة لعل هذا إرشاد من الله لنا بعد أن تلقينا الوحي تلقياً وحفظاً أن نحفظ هذا الدين بكتابة والتدوين كأن هذا أمر من الله تعالى أن تعلم الكتابة لندوّن الشريعة بعد قبض النبي صلى الله عليه وسلم وانقطاع الوحي فانظر كيف أن الله عز وجل عنى بهذه الأمة في حفظ هذا الوحي نتلقاه وحفظه أن نكتبه ونحفظه، ملحظ ينبغي أن نتنبه له ونحن نقرأ هذه السورة وتلك الآية الكريمة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير