تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الخضيري: أنت الآن انتقلت إلى معنى آخر في الايات وهو تدوين العلم وحفظه وهذا أمر قصّر فيه المسلمون في الأزمنة المتأخرة وقد بالغ المسلمون في العناية به في الأزمنة المتقدمة وكان أحد أسرار انتصارهم وعزهم وهيمنتهم واتساع علومهم أما نحن الآن نسمع كثيراً في التلفاز والراديو والأشرطة ونقرأ في الكتاب ولكننا لا ندوّن بل ولا ندون معلوماتنا وتجاربنا التي استفدناها في حياتنا وهذا لا شك أثّر علينا فكثير من التجارب ومن العلوم وكثير من الأشياء ذابت وذهبت وانذثرت بل حتى تزول عن الإنسان نفسه فقد يكون حصل على معلومة في وقت من الأوقات ثم بعد خمس أو عشر سنين نسيها لأنه لم يدونها ولم يحتفظ بها فأنا اقول هذا تنبيه لنا جميعاً أن ننتبه للقلم ولذلك قال الله عز وجل (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ?1? خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ?2? اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ?3? الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ?4? عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ?5?) وكأنها بشارة لمن يكتب بالقلم أن الله سبحانه وتعالى سيعلمه علماً لم يكن عنده إذا أمسك القلم وبدأ يدون ملاحظاته ويفتح الله عليه.

د. الربيعة: والدليل في قوله تعالى في آخر آية الدين (وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ) قال بعض المفسرين اتقوا الله بتعلّم الكتابة فيعلمك الله تعالى ويفتح عليكم كما فتح الله لهذه الأمة من العلوم الشيء الكثير. خاطرة أخيرة حول ابتداء الله تعالى بإقرأ أنه ينبغي أن نتعلم القرآءة قرآءة كتاب الله عز وجل فينبغي أن يكون لنا ورد يومي بقراءة كتاب الله عز وجل لتحيا به قلوبنا ونحن نتحدث عن الحياة بالقرآن فوالله الإنسان الذي له ورد يومي يقرأ كتاب الله تعالى قراءى متدبرة سيجد فيها سعادة واطمئنان في الحياة. الأمر الثاني أن يكون لنا شأن في القرآءة عموماً في علوم الشريعة بل قرآءة علوم الدنيا لنتعلم بها ونتبصر ونكتفي بها عن غيرنا ومن المؤسف لو رأينا واقع أمة الإسلام في أمر القرآءة لوجدناه مؤسفاً بينما تجد الغرب من أساسيات حياتهم القرآءة والكتابة.

د. الخضيري: لا تكاد تجد إنساناً في عمله أو في مؤسسته أو في حياته الشخصية إلا وهو يجون ملحوظاته في مذكرات ويكتب كل ما يمر به في حياته من أمور وتجارب تاريخية علمية أدبية ولذلك تتجمع هذه المعلومات وتصبح كماً كبيراً لأنها بنتف صغيرة.

د. الربيعة: أذكر نوذجاً جميلاً ليكون مثالاً: أحد الإخوة يقول جعلت لإبني ورداً يومياً من أيسر الأمور وهو أن يقرأ صفحة من كتاب الله تلاوة وأن يقرأ صفحة من كتاب في كل يوم وجعلت الأمر منافسة بين أولادي وتخفيزاً لهم بجائزة، انظر كيف يتعلم الطفل القرآءة والكتابة خطوة خطوة ليكون ذا معرفة وإدراك تتفتح له أمور الخير ويحمي نفسه من هذه الأفكار التي تأتي من هنا وهناك. لو تجاوزنا في هذه السورة (خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ) هل هناك سر أنه بدأ بالقرآءة ثم ذكر بعده الخلق؟ ما سر تقديم القرآءة؟ (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ?1? خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ?2?) مما يدلك فيما يظهر أن أمر العلم منّة الله عز وجل على الإنسان بهذا العلم وأعظم ذلك تعليمه هذا القرآن أعظم من خلقه أليس الله يقول (الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنسَانَ (3) الرحمن) فلا شك أن منّة الله تعالى علينا بتعليمنا هذا القرآن وهذا الوحي أعظم من هذا الخلق لأن الخلق يشترك معنا فيه سائر الخلق لكن هذه المنة العظيمة منة الهداية والوحي خص الله تعالى البشر به.

د. الخضيري: وتأكيداً على هذا الكلام ما جاء في بداية البقرة (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (33)) فبيّن أن العلم هو الذي تميز به آدم عليه الصلاة والسلام على الملائكة وقال العلماء لو كان هناك

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير