د. الربيعة: نستطيع أن نأخذ من الكلام دليلاً على أن كتب الله كلها متفقة في الدعوة إلى التوحيد وما تضمنته اليوم من الإنجيل وغيره للدعوة إلى التثليث فإنما هو محرّف وباطل
د. الخضيري: ولذلك نحن نقول إن أصل الدين واحد وعلينا أن نتأكد منه ونتثبت من عمل ذلك وهو إخلاص الدين لله وأن لا نعبد الله إلآ بما شرعه عن رسول الله وأن نقيم الصلاة ونؤتي الزكاة هذا هو الدنيا التي جاء بها الأنبياء من فعل هذه الأشياء فقد أقام الدين وقد وحد الله رب العالمين وقد استقام على المحجة التي جاء رسول رب العالمين محمد صلى الله عليه وسلم وجاءت بها الأمم السابقة. ونلاحظ هنا أنه لم يقل (مخلصين له اليوم ويصلون ويزكون) ولم يأتي بها الأمم السابقة. ولم يقل مخلصين له الدين ثم قال مصلون ومزكون وإنما قال (وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ (5) البينة)
د. الربيعة: الوصف الأول قال (حنفاء) فما معنى حنفاء؟
د. الخضيري: الحنيف يقول العلماء الذي مال عن الشرك
د. الربيعة: ولذلك وصف الله تعالى نبيه حينما كان قومه يعبدون غير الله عز وجل كان حنف عنهم ومال إلى التوحيد وهذا يدلنا على أن الإنسان في هذه الحياة ينبغي أن يميل عن الطرق المنحرفة ويبحث عن الحق فإن أمامه طرقاً تستهويه. ختام الآية في قوله (وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)
د. الخضيري: يعني ذلك الدين المستقيم بأصحابه فمن سلكه فهو واصل إلى الله.
د. الربيعة: كما قال الله عز وجل (دِينًا قِيَمًا (161) الأنعام) وهذا في الحقيقة يجعلنا أن نقول أن ديننا دين القيم، ديناً قيماً في بنائه ونظامه وهو دين القيم الذي يبني في أنفسنا القيم، دين الأخلاق دين المبادئ السامية دين المعالم تلتي تبني كمال البشرية إذا أراد الإنسان الكمال في هذه الحياة. ما أعظم هذا الوصف العظيم لهذا الدين القيم!
د. الخضيري: لعلنا نتوقف مع قول الله عز وجل (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7))
د. الربيعة: بعد أن بين الله هذا البيان رسم الطريق
د. الخضيري: رسم الطريق وبيّن أصناف الناس وموقفهم من هذا الكتاب. لا يمكن أحد يقول أنا وسط لست مع هؤلاء ولست مع هؤلاء نقول لا، إما أن تكون من خير البرية وإما أن تكون من شر البرية ليس هناك طريق بين هذين الطريقين (لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ (37) المدثر) فإما تتقدم فتعمل وإما أن تتأخر فتهلك نسأل الله العافية والسلامة. وهذه موعظة لي ولكم هل نحن مع الذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكون من خير البرية أو مع من تخلوا عن العمل الصالح وهو شر البرية؟
د. الربيعة: وتأملوا كيف عبر الله تعالى عن الكافرين بشر البرية وعبّر عن المؤمنين بخير البرية. والله إنه لوصف يدعو الإنسان أن يتبصر فيحض نفسه على أن يكون مع خير البرية. هذه البرية التي براها الله عز وجل كل البرية خيرها هم المؤمنون وشرّها هم الكافرون بالله عز وجل.
د. الخضيري: وبهذا نعلم أن هذين الفريقين لا يمكن أن يجتمعا وأن هاتين الفئتين لا يمكن أن يجمع بينهما بعض الناس يعمل خلطاً يريد أن يجعل المسلم والنصراني والبوذي واليهودي والملحد شيء واحد فيما يسمونه الدعوة لوحدة الأديان دعونا نكون واضحين ونعلم أن الطريق واحد، الموصل إلى الله واحد كما قال الله عز وجل (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ (153) الأنعام) هناك سبل كثيرة لو اتبعناها، لو أطعناها لو طاوعنا أصحابنا عندما يدعوننا إليه والله لتصدننا عن سبيل الله.
د. الربيعة: كيف يتفقان ويجتمعان وهذا في أسمى مكانة وهو طريق المؤمنين وذلك في أسفل مكان! لعلنا نختم السورة بخير ختام، يقول الله عز وجل في جزاء المؤمنين (جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ)
د. الخضيري: استوقفتني قوله (عِندَ رَبِّهِمْ) بدأ بالصاحب والجار قبل الدار (عند ربهم) أولاً ما ذكر الجنة وهذا يدلنا على أن الإنسان يختار الجار قبل الدار ويحرص عليه لأنه هو الذي تقوم به السعادة الحقيقية.
د. الربيعة: الجار الحقيقي هو جار الدين والخير والصلاح تصاحبه في دنياك ليعينك على طاعة الله عز وجل.
د. الخضيري: ويستوقفني في الختام قوله تعالى (ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) أي ذلك الجزاء العظيم الرفيع العالي لا يكون ولا يتحقق إلا لمن خشي الله سبحانه وتعالى أي خاف منه الخوف الذي يليق به. والفرق بين الخشية والخوف كما يقول العلماء أن الخشية خوف برفق وأما الخوف فإنه يكون اضطراباً وقلقاً فالمؤمنون الذي يخشون الله يخافونه وهم يعلمون ذلك ونحن يجب علينا أن نخشى الله بل نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقسم لنا من خشيته ما يحول به بيننا وبين معصيته.
د. الربيعة: وقد قال الله عز وجل (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ) مما يؤكد هذه الآية في عظم أمر الخشية (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ (40) النازعات) (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) الرحمن) فما أعظم هذا الوصف يتصف به المسلم! خير ختام يقول الله قبل هذه الجملة (رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) والله إن هذا لوصف عظيم إذا استحضره المسلم يرجو رضى الله وهو راض عن الله عز وجل. هذه السورة إخواني سورة نتبين فيها هذا الدين البيّن لنكون من أهله ونكون من هذا الدين القيم فنكون على أقوم طريق نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا على الطريق السوي البيّن ولنا لقاء معكم بإذن الله في جلسة قادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
¥