وطفلها إليها وتنجو به وما سيأتي يوم القيامة هو شيء سيجعل هذه المرأة تذهل عن ذلك الرضيع حتى يسقط على الأرض وهي لم تشعر به (يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) إذن الأمر عظيم وأعظم من أن تتصوره
د. الربيعة: يجب أن يستحضره المسلم وهو يقرأ هذه السورة العظيمة.
د. الخضيري: وليس الإستحضار هو المجرد فقط وإنما الاستعداد لأنه بقدر عملك وبقدر استعدادك يكون رعبك والهول الذي يكون عليك. فالمؤمنون يلقي الله عز وجل عليهم الطمأنينة لأنهم كانوا في الدنيا خائفين وكانوا يخشون الله فالله يطمئنهم والكافرون كانوا لاهين عابثين مكذبين غافلين ولذلك يجعل الله في قلوبهم من الرعب ومن الهول أضعاف أضعاف ما يكون على المؤمنين.
د. الربيعة: قوله (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا) يدلنا على أن الأرض ستخرج من فيها من الأموات وتخرج من فيها من كل شيء لعظم هذه الهزة. ثم يبين الله عز وجل حال الناس (وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا)
د. الخضيري: ماذا بها؟ ماذا حصل لهذه الأرض؟ إعلموا أن هذا شيء قد أخبرتم به وإن هذا شيء قد جاء القرآن به ودلّ عليه، هذه زلزلة كتبها الله على الأرض ونهاية لهذا العالم الأول وبداية لذلك العالم الآخر فانتبهوا لذلك واستعدوا له فقد أُنذرتم وقد حذرتم فاتقوا الله في أنفسكم واستعدوا للقاء الله عز وجل.
د. الربيعة: بعد هذه الآية كأنه جواب من الله تعالى يقول (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا) يعني أن هذه الأرض تلك الهزة العظيمة وإخراج ما في بطنها من الأموات وغيرهم وأيضاً فإنها (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا) ستخبر بكل عمل كان عليها
د. الخضيري: يا الله، هذه تدعو الإنسان إلى أن يتقي الله عز وجل كما قلنا في سورة العلق (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14)) الله يراك وأيضاً قد جعل في هذه الدنيا من يراك ويحصي عليك عملك، حتى هذه الأرض ستحدد ما فُعِل عليها من خير أو شر تقول فلان صلى هنا وفلان صام هنا وفلان مشى إلى المسجد فوقي، فلان مشى إلى السرقة فوقي، فلان مشى إلى الزنا فوقي إذن الأرض التي تمشي عليها أيها المؤمن ستشهد عليك ولذلك قال العلماء أنه يستحب للإنسان أن يكثر من مواضع الصلاة لأن الأرض ستحدث بما عمل فوق ظهرها وتخبر بذلك.
د. الربيعة: يعني كل شبر من الأرض تعمل فيه عملاً صالحاً أو سيئاً فالأرض تخبر ربها بهذا العمل.
د. الخضيري: حتى المؤذن إذا اذن ما يبقى شيء يسمع صوته من شجر أو حجر أو تراب إلا جاء شاهداً يوم القيامة يشهد له لأنه سمعه يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله. أحد السلف رضوان الله عليهم جميعاً كان إذا أراد منه بعض الناس أن يصحبه في السفر اشترط عليهم أن يكون هو المؤذن فسالوه لماذا أنت حريص على ذلك. قال من أجل أن لا أؤذن في مكان إلا شهد لي ذلك المكان. فنحن نقول لإخواننا إجعلوا كل أرض تشهد لكم في غرفة نومك أكثر من الصلاة حتى تشهد لك أنك تقوم للصلاة وفي بيتك أكثِر من الصلاة ومن الذكر حتى يشهد لك.
د. الربيعة: بل إنك ينبغي يا أخي الكريم إذا ذهبت في أي بلد وفي أي رقعة بل وأنت تخرج في رحلة برية أو نزهة على البحر أو نزهة هناك وهناك ينبغي أن يكون المكان الذي تكون فيه تذكر الله فيه ليشهد لك.
د. الخضيري: ونحرص على أن تصلي في المكان الذي يقل ذكر الله فيه.
د. الربيعة: لعل تلك البقعة لا تشهد إلا لك وتكون في ميزان حسناتك. يقول الله تعالى (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا) لماذا تحدث أخبارها؟
د. الخضيري: (بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا) هي تطيع الله عز وجل بمجرد أن أوحى الله لها أن تحدث بأخبارها قامت بالواجب الذي عليها. وهذا يدلنا على أن هذه الكائنات مطيعة لله مستسلمة لله منقادة لله فلا تكن خيراً منا نحن العقلاء الذين أنعم الله علينا وكرّمنا (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) لا يجوز أبداً أن نكون أقل من هذه المخلوقات التي لم تحفل بذلك التكريم فإنها تطيع الله عز وجل
¥