وتستسلم لأمره ولذلك نقول إن الكفار أضل من البهائم لأن البهيمة خلقت لشيء فأدّته فهي في ظاهر الأمر في ضلال لكنها أدّت ما كُتب عليها. أما الكافر فلم يؤد لكن لأنها قد أدّت ما كتب عليها أنها كتبت عليه فالكافر أضل منها لأنه قد خُلق لشيء فلم يؤدّ ما خُلِق لأجله
د. الربيعة: لعله مما يشهد لهذه الآية أيضاً قوله عز وجل (إذا السماء انشقت)
د. الخضيري: أذنت بمعنى استمعت وحُق لها أن تذعن وتخضع.
د. الربيعة: إذا كانت هذه الأرض العظيمة، إذا كان هذا الجرم العظيم يخضع لله عز وجل فكيف أنت أيها الإنسان الضعيف الذي لست بشيء مقارنة بهذه الأرض؟!.
د. الخضيري: في قول الله عز وجل (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ) في يوم القيامة يأتون أشتاتاً وأوزاعاً متفرقين من أجل أن يشاهدوا ما عملوه في الدنيا يروا نزاعهم، ماذا عليهم. يأتي الإنسان يوم القيامة وله صحائف ملء البصر فيجد فيها كل شيء حتى قوله يوم حار ويوم بارد هذا يعجبني ولا يعجبني وأنا أحب ولا أحب وأفّ وها كلها مكتوبة. كما قال الله عز وجل (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49) الكهف) فهذا يجعلني وإياك وكل من يشاهدنا الآن يتذكر أنه سنجد يوماً فلا ينفعنا في ذلك اليوم إلا ما قدمناه فيه من عمل.
د. الربيعة: ولذلك انظر كيف ختم الله تعالى هذه السورة بآية عظيمة بقوله تعالى (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)) يعني أننا نستحضر أن كل عمل دقيق وجليل مكتوب لنا، قولنا جزاك الله خيراً مكتوب له، قول الإنسان لأخيه سبّاً أو شتماً مكتوب عليه
د. الخضيري: بل أن تنظر إنسان بعين الرحمة مر بك فقيراً تنظر له بعين الرحمة تكتب لك، حركة قلبك في إحسان الظن بأخيك أو رحمته أو اللطف معه مكتوب لك، أو مكتوب عليك إن أسأت بذلك كله كما قال الله عز وجل (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19) غافر) هذه الحقيقة تجعل المؤمن على يقظة تامة. ما هناك مسامحة، ما هناك شيء يُعفى عنه فلا يكتب، كل شيء يًكتب أيها الإنسان ولا يعني أنه يُكتب أنه قد يُحاسب عليه فإنه قد يكتب من أجل أن يرصد ويبين لك يوم القيامة أنه مرصود ولم يضع من عملك شيء.
د. الربيعة: لذلك يقرب الله عبده يوم القيامة ألم تفعل كذا؟
د. الخضيري: هذا يظن أنه قد هلك فيقول الله عز وجل إني قد سترتها عليك في الدنيا وإني اغفرها لك اليوم.
د. الربيعة: هاتين الآيتين ينبغي أن نجعلهما أمام أعيننا دائماً لنحسب لأعمالنا حساب، كم من الأعمال نفرط فيه؟ كثير. كم من إنسان تأتيه الفرص ولا يغتنمها كم من إنسان يفعل من المعاصي والموبقات ما لا يشعر به! حقاً إننا ينبغي أن نعيش مع هذه الاية كيف نعيش مع هذه الاية؟ نعيش مع هذه الاية إذا استحضرنا عظم ذلك اليوم الذي سنحاسب فيه، استشعرنا تلك الهزة العظيمة والزلزلة الكبير، استشعرنا ذلك الهول واستشعرنا أن الأرض ستخبر بأعمالنا صغيرها وكبيرها وستشهد علينا بكل عمل.
د. الخضيري: أنا الآن بدت لي ملاحظة مهمة جداً وهي ملاحظة عملية نقدمها لإخواننا المشاهدين وهي أن الأعمال إذا كانت بالذرات ستحسب لنا أو علينا نقول لهم يا إخواني بإمكاننا في الدقائق التي نعيشها أنت ننتج ذرات من الإحسان ذرات الإحسان. وأنت تشاهد الأخبار ما الذي يمنعك أن تقول لا إله إلا الله، سبحان الله، هذه ذرات بل هي عظيمات عند الله ومع ذلك لا تأخذ منك إلا الجزء اليسير ثم يحقق منها الكثير.
د. الربيعة: ما أجمل أن يجعل الإنسان لحظات الإنتصار في الاستغفار وفي ذكر الله. هذه السورة تعطينا معاني عظيمة ويجب أن نستحضرها استحضاراً ونحن نقرأها في الصلوات الجهرية والسرية.
د. الخضيري: هذه بعض الوقفات مع هذه السورة الكريمة نسأل الله أن ينفعنا بها وإلى لقاء قادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[06 Sep 2009, 12:56 ص]ـ
الحلقة 15
¥