تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كان منشغلاً بأمر دنياه عن آخرته، بتكاثره، بماله، بأصوله، بأولاده، التكارث هنا يعم كل شيء. كما قال الضحّاك قال هذه سورة التُجّار، كيف هي سورة التُجّار؟ إنها موعظة للتجار. وأذكر أحد الإخوة ذكر لي قال جاءني رجل أعمال يقول أنا مع ما آاتني الله من مال فأنا أعيش في ضيق وأجد ضغطاً نفسياً فما الحل وما العلاج؟ قال لن أعطيك علاجاً صعباً وإنما سأعطيك علاجاً يسيراً بإذن الله،

د. الخضيري: ما هو هذا العلاج؟

د. الربيعة: قال أريدك أن تقرأ سورة التكاثر عشرين مرة، قال سورة التكاثر؟ سورة نحفظها جميعاً قال تقرأها وتسمعها لكنك لم تفهمها كما ينبغي.

د. الخضيري: ولم تتعظ بها كما ينبغي أن يتعظ بها.

د. الربيعة: لو قرأتها كما أراد الله منك في قراءتها والله لوعظتك وجدت قيمة الحياة وعرفت قيمة المال الذي عندك. قال فذهب فأكثر من قراءتها يقول فلقيته بعد مدة قال والله إني وجدت لها أثراً وطعماً في نفسي وفي حياتي، قال كيف؟ قال وعرفت قيمة الحياة حقاً وقيمة المال الذي أنا فيه فإن همّي الذي انغمس في هذا المال وهذا التكاثر وهذا الجمع هو في الحقيقة الذي أقلقني وهو الذي ملأ قلبي غفلة عن الآخرة ولم أجد للصلاة طعماً ولم أجد لذكر الله أثراً فعرفت أنني في طريق الخطأ.

د. الخضيري: ولذلك جاء التعبير في السورة بـ (ألهاكم) يعني كلما يشغل الإنسان عن ربه سبحانه وتعالى بما هو صورته قد تكون حسنة لكنه يريد أن يكاثر زميله وصديقه وأخاه وأباه وجماعته واقاربه ومن حوله أن يقول لهم أنا أكثركم مالاً، أنا أكثركم دمراً، أنا أكثركم بساتين، أنا أكثركم سيارات، أنا أكثركم شهادات. هنا عندما يكون قصد الإنسان هو التكاثر يكون ما هو فيه له، حتى أذكر شيئاً في غاية الغرابة وهو لو أن إنساناً أراد أن يجمع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل أن يقول لزملائه وأقرانه أنا أحفظ أكثر منكم بل أريد أن أذكر ما هو أغرب من ذلك وهو أن الإنسان قد يحفظ أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظها عبادة ومع ذلك لا يكون قصده إلا ليكاثر بها أصحابه وزملاءه واقرانه ومشايخه يقول أنا أحفظ منكم، أنا أكثر جمعاً للأحاديث منكم، فيكون بذلك مع أنه في ظاهره في أمر الدين إلا أن الذي حمله على ذلك المفاخرة، لم يحفظها ليعمل بها، لم يحفظها من أجل أن يبلّغها وأن يقوم بحقها وإنما من أجل أن يقول أنا أكثر منكم. فما دام هذا فإن الذي يفعله يعتبر لهواً. ولاحظ أنه عبّر باللهو لأن اللهو مشغلة للقلب، بمعنى أن قلبه قد انشغل. لأن العادة في القرآن إذا عبّر باللهو فمعنى ذلك أنه للقلب وإذا عبّر باللعب فمعنى ذلك أنه للبدن. (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ (64) العنكبوت) اللعب للبدن واللهو للقلوب. نحن نقول هذه موعظة لنا جميعاً أنه أي شيء ننافس فيه ونحرص عليه إن كان مرادنا به وجه الله وزيادة العمل فهذا ليس لهواً وإن كان مرادنا أن ننافس به الأصدقاء والأصحاب ونلفت به أنظار الناس ونوجه به قلوبهم إلينا فهذا لهو ولا ينفعنا عند الله.

د. الربيعة: إذن المناط هو النية

د. الخضيري: نعم المناط هو النية. هذا فيما هو من عمل الآخرة أما فيما هو من أعمال الدنيا فهذا ينبغي أن يكون الإنسان حذراً فيه، أحياماً الإناسن يجمع الدنيا ثم يجمع ثم يجمع تقول له لماذا؟ ما الذي يحملك على أن تجمع هذه الدنيا ولو كانت من حِلّ وتترك الواجبات من صلة الرحم وبر الوالدين والصلاة مع الجماعة والقيام بحقوق الله والقيام حقوق الزوجة والولد وغير ذلك؟ فيقول حتى تكون أموالي كثيرة، حتى أصل إلى الأرقام التي وصل إليها فلان وفلان، وحتى أستطيع أن أكون أكبر وأكثر وأقدر وأغنى (يريد أفعل التفضيل أيّاً كان، على حساب ماذا؟)

د. الربيعة: لو أن الإنسان اعتنى بجمع المال وأحسن الني وجاهد نفسه أن لا تشغله عن طاعة الله واجتهد في إخراج ما ييسر الله ويعينه الله عليه في أمور الخير هل يلام في هذا؟ تكاثر في المال لكن ليس قصده أن يباهي ويفاخر إنما قصده أن يكون عنده مال يغنيه عن الناس ويكون قصده بإذن الله نفع هذه الأمة بإنفاق المال، هل يُلام في هذا؟ أو هل يعد من أهل هذه الآية أم لا؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير